يا أبا حفص ، ما أغفلك عن المقدسي ! فقد سرق وفسق وقصوا عليه القصة ، فأمر باحضاره بين يديه وهو مسلسل . فقال : يا ويلك يا مقدسي ، تبطن فيك بخلاف ما يظهر ، فضحك الله تعالى . والله لأنكلن بك أشد النكال ، وهو لا يرد جوابا . واجتمع الخلق ، وازدحم الناس لينظروا ما يفعل به . وإذا بنور قد [1] سطع فتأملوه ، فإذا هو عيبة علم النبوة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) . فقال : ما هذا الرهج [2] في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إن الشاب المقدسي قد سرق وفسق . فقال علي ( عليه السلام ) : والله ما سرق ، ولا فسق ، ولا حج أحد غيره . فلما سمع عمر كلامه [3] قام قائما على قدميه وأجلسه موضعه ، فنظر إلى الشاب المقدسي وهو مسلسل مطرق إلى الأرض ، والإمرأة قاعدة . فقال لها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أنا مجلي المشكلات ، وكاشف الكربات . ويلك قصي علي قصتك ، فأنا باب عيبة العلم فقالت : يا أمير المؤمنين ، إن هذا الشاب قد سرق مالي ، وقد شاهده الوفد في مزادته ، وما كفاه حتى كنت ليلة من الليالي قريبة منه فاستغرقني بقراءته ، فدنا مني ووثب إلى وواقعني ، وما ملكت من المدافعة عن نفسي خوفا من الفضيحة ، وقد حملت منه . فقال علي ( عليه السلام ) : كذبت يا ملعونة فيما ادعيتيه . يا أبا حفص ، إن هذا الشاب مجبوب ، ليس معه إحليل ، وإحليله في حق من عاج . ثم قال : يا مقدسي أين الحق ؟
[1] في البحار : ( لمع ) . [2] الرهج : الفتنة والشغب . [3] في البحار : ( خبر عمر ) .