يومئذ بني [1] بيت ببغداد فلما وصل قرية براثا [2] صلى بالناس الظهر فرحلوا ودخلوا أرض بابل ، وقد وجبت صلاة العصر . فصاح المسلمون : يا أمير المؤمنين ، وجبت صلاة العصر ، وقد دخل وقتها ، فعند ذلك قال : أيها الناس : هذه أرض خسف الله بها ثلاث مرات ، وعليه تمام الرابعة ، فلا يحل لنبي أو وصي نبي أن يصلي فيها ، لأنها أرض مسخوط عليها . فمن أراد منكم أن يصلي فليصل . فقال المنافقون منهم : نعم ، هو لا يصلي ، ويقتل من يصلي ويعنون بذلك أهل النهروان . قال جويرية بن مسهر العبدي : فتبعته في مائة فارس ، وقلت : والله لا أصلي أو يصلي هو لأقلدن عليا ( عليه السلام ) ( في ) صلاتي اليوم . قال : وسار أمير المؤمنين إلى أن قطع أرض بابل ، وقد تدلت الشمس للغروب ثم غابت واحمر الأفق . قال : فأقبل علي ، وقال : يا جويرية ، هات الماء فتقدمت إليه بالماء ، فتوضأ ، ثم قال : أذن يا جورية ، فقلت يا أمير المؤمنين ، ما وجب وقت العشاء بعد . فقال : قم أذن للعصر ، قلت ، يا مولاي ، أأذن للعصر ؟ ! وقد وجبت العشاء ، وغربت الشمس ، ولكن علي الطاعة [3] فأذنت ، قال فأقم الصلاة ، ففعلت ، فجعل ( عليه السلام ) يحرك شفيته بكلام كأنه منطق الخطاف ، ولم أفهم ما يقول . وإذا بالشمس قد رجعت بصرير عظيم ووقفت في مركزها من العصر .
[1] في الأصل : ( بنت ) . [2] قال يا قوت في معجم البلدان : 1 / 363 ، كانت براثا قبل بناء بغداد قرية يزعمون أن عليا ( عليه السلام ) مر بها لما خرج لقتال الحرورية بالنهروان ، وصلى في موضع من الجامع المذكور . [3] في نسخة : ( سمعا وطاعة ) .