نام کتاب : الرواشح السماوية نویسنده : المحقق الداماد جلد : 1 صفحه : 190
وقال بعض المعروفين بالتنطّع في العلوم النظريّة ممّن ظاهره المسير على مذهب الشافعي : الذي يصلح للتعويل أنّه إذا وجد حديثٌ ضعيف في فضيلة عمل من الأعمال ولم يكن هذا العمل ممّا يحتمل الكراهة والحرمة فإنّه يجوز العمل به ويستحبّ ؛ لأنّه مأمون الخطر ومرجوّ النفع ؛ إذ هو دائر بين الإباحة والاستحباب ، فالاحتياط العمل به برجاء الثواب . وأمّا إذا دار بين الحرمة والاستحباب ، فلاوجه لاستحباب العمل به . وإذا دار بين الكراهة والاستحباب ، فمجال النظر فيه واسع ؛ إذ في العمل دغدغة الوقوع في المكروه ، وفي الترك مَظِنّة ترك المستحبّ . فلينظر إن كان خطر الكراهة أشدَّ ، بأن يكون الكراهة المحتملة شديدةً والاستحباب المحتمل ضعيفاً ، فحينئذ يترجّح الترك على الفعل ، فلا يستحبّ العمل به . وإن كان خطر الكراهة أضعفَ ، بأن تكون الكراهة - على تقدير وقوعها - كراهةً ضعيفةً دون مرتبة ترك العمل على تقدير استحبابه ، فالاحتياط العمل به . وفي صورة المساواة يُحتاج [1] إلى نظر تامٍّ ، والظنّ أنّه مستحبّ أيضاً ؛ لأنّ المباحاتِ تصير بالنيّة عبادةً فكيف ما فيه شبهة الاستحباب لأجل الحديث الضعيف . فجواز العمل واستحبابه مشروطان . أمّا جواز العمل ، فبعدم احتمال الحرمة . وأمّا الاستحباب ، فبما ذكرنا مفصّلاً لكن بقي هاهنا شيءٌ وهو أنّه إذا عُدِم احتمال الحرمة فجواز العمل ليس لأجل الحديث ؛ إذ لو لم يوجد الحديث يجوز العمل ؛ لأنّ المفروض انتفاء الحرمة . لا يقال : الحديث ينفي احتمال الحرمة ؛ لأنّا نقول : الحديث الضعيف لا يثبت به شيء من الأحكام ، وانتفاء احتمال الحرمة يستلزم ثبوت الإباحة ، والإباحة حكم شرعي ، فلا يثبت بالحديث الضعيف . ولعلّ مراد النووي ما ذكرنا ، وإنّما ذكر جواز العمل توطئةً للاستحباب .