نَقْداً ، وخَوْفَهُ مِنْ خَالِقِهِ ضِمَاراً ووَعْداً . وكَذَلِكَ مَنْ عَظُمَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ ، وكَبُرَ مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِهِ ، آثَرَهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَانْقَطَعَ إِلَيْهَا ، وصَارَ عَبْداً لَهَا .ولَقَدْ كَانَ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وسلم - يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ ، ويَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ ، ويَخْصِفُ بِيَدِهِ نَعْلَهُ ، ويَرْقَعُ بِيَدِهِ ثَوْبَهُ ، ويَرْكَبُ الْحِمَارَ الْعَارِيَ ، ويُرْدِفُ خَلْفَهُ ، ويَكُونُ السِّتْرُ عَلَى بَابِ بَيْتِهِ فَتَكُونُ فِيهِ التَّصَاوِيرُ فَيَقُولُ : « يَا فُلَانَةُ - لإِحْدَى أَزْوَاجِهِ - غَيِّبِيهِ عَنِّي ، فَإِنِّي إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا وزَخَارِفَهَا » . فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ ، وأَمَاتَ ذِكْرَهَا مِنْ نَفْسِهِ ، وأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ ، لِكَيْلَا يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً ، ولَا يَعْتَقِدَهَا قَرَاراً ، ولَا يَرْجُوَ فِيهَا مُقَاماً ، فَأَخْرَجَهَا مِنَ النَّفْسِ ، وأَشْخَصَهَا عَنِ الْقَلْبِ ، وغَيَّبَهَا عَنِ الْبَصَرِ . وكَذَلِكَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئاً أَبْغَضَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ ، وأَنْ يُذْكَرَ عِنْدَهُ .« خطبة » 132 / 132 الْعَالِمُ بِمَا تُكِنُّ الصُّدُورُ ، ومَا تَخُونُ الْعُيُونُ . ونَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهً غَيْرُهُ ، وأَنَّ مُحَمَّداً - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وسلم - نَجِيبُهُ وبَعِيثُهُ ، شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الإِعْلَانَ ، والْقَلْبُ اللِّسَانَ .فَمَنْ أَشْعَرَ التَّقْوَى قَلْبَهُ بَرَّزَ مَهَلُهُ ، وفَازَ عَمَلُهُ فَاهْتَبِلُوا هَبَلَهَا ، واعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا .