responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدليل على موضوعات نهج البلاغة نویسنده : علي انصاريان    جلد : 1  صفحه : 75


والنسق .
ومن عجائبه ، عليه السلام ، التي انفرد بها ، وأمن المشاركة فيها ، أن كلامه الوارد في الزهد والموعظ ، والتذكير والزواجر ، إذا تأمله المتأمل ، وفكر فيه المتفكر ، وخلع من قلبه أنه كلام مثله ممن عظم قدره ، ونفذ أمره ، وأحاط بالرقاب ملكه ، لم يعترضه الشك في أنه كلام من لا حظ له في غير الزهادة ، ولا شغل له بغير العبادة ، قد قبع في كسر بيت ، أو انقطع إلى سفح جبل ، لا يسمع إلا حسه ، ولا يرى إلا نفسه ، ولا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس في الحرب مصلتا سيفه ، فيقط الرقاب ، ويجدل الأبطال ، ويعود به ينطف دما ، ويقطر مهجا . وهو مع تلك الحال زاهد الزهاد ، وبدل الأبدال . وهذه من فضائله العجيبة ، وخصائصه اللطيفة ، التي جمع بها بين الأضداد ، وألف بين الأشتات وكثيرا ما أذاكر الإخوان بها ، وأستخرج عجبهم منها ، وهي موضع للعبرة بها ، والفكرة فيها .
وربما جاء في أثناء هذا الاختيار اللفظ المردد ، والمعنى المكرر ؛ والعذر في ذلك أن روايات كلامه تختلف اختلافا شديدا : فربما اتفق الكلام المختار في رواية فنقل على وجهه ، ثم وجد بعد ذلك في رواية أخرى موضوعا غير موضعه الأول : إما بزيادة مختارة ، أو لفظ أحسن عبارة ، فتقضي الحال أن يعاد ، استظهارا للاختيار ، وغيرة على عقائل الكلام . وربما بعد العهد أيضا بما اختير أولا فأعيد بعضه سهوا أو نسيانا ، لا قصدا واعتمادا .
ولا أدعي - مع ذلك - أني أحيط بأقطار جميع كلامه عليه السلام حتى لا يشذ عني منه شاذ ، ولا يند ناد . بل لا أبعد أن يكون القاصر عني فوق الواقع إلي ، والحاصل في ربقي دون الخارج من يدي ؛ وما علي إلا بذل الجهد ، وبلاغ الوسع ، وعلى الله سبحانه وتعالى نهج السبيل ، وإرشاد الدليل ، إن شاء الله .
ورأيت من بعد تسمية هذا الكتاب ب « نهج البلاغة » إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها ، ويقرب عليه طلابها ، فيه حاجة العالم والمتعلم ، وبغية البليغ والزاهد ، ويمضي في أثنائه من عجيب الكلام في التوحيد والعدل ، وتنزيه الله سبحانه وتعالى عن شبه الخلق ، ما هو بلال كل غلة ، وشفاء كل علة ، وجلاء كل شبهة .
ومن الله سبحانه أستمد التوفيق والعصمة ، وأتنجز التسديد والمعونة ، وأستعيذه من خطأ الجنان ، قبل خطأ اللسان ، ومن زلة الكلم ، قبل زلة القدم ، وهو حسبي ونعم الوكيل .

75

نام کتاب : الدليل على موضوعات نهج البلاغة نویسنده : علي انصاريان    جلد : 1  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست