إِلَّا خَوْفَ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَعْلُولٌ ، يَرْجُو اللَّهً فِي الْكَبِيرِ ، ويَرْجُو الْعِبَادَ فِي الصَّغِيرِ ، فَيُعْطِي الْعَبْدَ مَا لَا يُعْطِي الرَّبَّ فَمَا بَالُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَصَّرُ بِهِ عَمَّا يُصْنَعُ بِهِ لِعِبَادِهِ أَتَخَافُ أَنْ تَكُونَ فِي رَجَائِكَ لَهُ كَاذِباً أَوْ تَكُونَ لَا تَرَاهُ لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً وكَذَلِكَ إِنْ هُوَ خَافَ عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ ، أَعْطَاهُ مِنْ خَوْفِهِ مَا لَا يُعْطِي رَبَّهُ ، فَجَعَلَ خَوْفَهُ مِنَ الْعِبَادِ نَقْداً ، وخَوْفَهُ مِنْ خَالِقِهِ ضِمَاراً ووَعْداً . وكَذَلِكَ مَنْ عَظُمَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ ، وكَبُرَ مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِهِ ، آثَرَهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَانْقَطَعَ إِلَيْهَا ، وصَارَ عَبْداً لَهَا .« خطبة » 176 / 175 واعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْتَحِلُّ الْعَامَ مَا اسْتَحَلَّ عَاماً أَوَّلَ ، ويُحَرِّمُ الْعَامَ مَا حَرَّمَ عَاماً أَوَّلَ وأَنَّ مَا أَحْدَثَ النَّاسُ لَا يُحِلُّ لَكُمْ شَيْئاً مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ، ولَكِنَّ الْحَلَالَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ ، والْحَرَامَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ .فَقَدْ جَرَّبْتُمُ الأُمُورَ وضَرَّسْتُمُوهَا ، ووُعِظْتُمْ بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، وضُرِبَتِ الأَمْثَالُ لَكُمْ ، ودُعِيتُمْ إِلَى الأَمْرِ الْوَاضِحِ فَلَا يَصَمُّ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا أَصَمُّ ، ولَا يَعْمَى عَنْ ذَلِكَ إِلَّا أَعْمَى . ومَنْ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِالْبَلَاءِ والتَّجَارِبِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ مِنَ الْعِظَةِ ، وأَتَاهُ التَّقْصِيرُ مِنْ أَمَامِهِ ، حَتَّى يَعْرِفَ مَا أَنْكَرَ ، ويُنْكِرَ مَا عَرَفَ . وإِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ : مُتَّبِعٌ شِرْعَةً ، ومُبْتَدِعٌ بِدْعَةً ، لَيْسَ مَعَهُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بُرْهَانُ سُنَّةٍ ، ولَا ضِيَاءُ