مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ ، حَتَّى إِذَا ارْتَوَى مِنْ مَاءٍ آجِنٍ ، واكْتَثَرَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ ، جَلَسَ بَيْنَ النَّاسِ قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا الْتَبَسَ عَلَى غَيْرِهِ ، فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ هَيَّأَ لَهَا حَشْواً رَثًّا مِنْ رَأْيِهِ ، ثُمَّ قَطَعَ بِهِ فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ : لَا يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ فَإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ ، وإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ . جَاهِلٌ خَبَّاطُ جَهَالَاتٍ ، عَاشٍ رَكَّابُ عَشَوَاتٍ ، لَم يَعَضَّ عَلَى الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ . يَذْرُو الرِّوَايَاتِ ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ .لَا مَلِيٌّ - واللَّهِ - بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ ، ولَا أَهْلٌ لِمَا قُرِّظَ بِهِ ، لَا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ ولَا يَرَى أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ مَذْهَباً لِغَيْرِهِ ، وإِنْ أَظْلَمَ عَلَيْهِ أَمْرٌ اكْتَتَمَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ ، تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِهِ الدِّمَاءُ ، وتَعَجُّ مِنْهُ الْمَوَارِيثُ . إِلَى اللَّهِ أَشْكُو مِنْ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالاً ، ويَمُوتُونَ ضُلَّالاً ، لَيْسَ فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ، ولَا سِلْعَةٌ أَنْفَقُ بَيْعاً ولَا أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ، ولَا عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ الْمَعْرُوفِ ، ولَا أَعْرَفُ مِنَ الْمُنْكَرِ « الكتب والرسائل » 67 / 67 واجْلِسْ لَهُمُ الْعَصْرَيْنِ ، فَأَفْتِ الْمُسْتَفْتِيَ ، وعَلِّمِ الْجَاهِلَ ، وذَاكِرِ الْعَالِمَ . ولَا يَكُنْ لَكَ إِلَى النَّاسِ سَفِيرٌ إِلَّا