يُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ . وأَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ - سُبْحَانَهُ - مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِي عَلَى الرَّعِيَّةِ ، وحَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْوَالِي ، فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ ، فَجَعَلَهَا نِظَاماً لأُلْفَتِهِمْ ، وعِزّاً لِدِينِهِمْ ، فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِصَلَاحِ الْوُلَاةِ ، ولَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ إِلَّا بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّةِ فَإِذَا أَدَّتْ الرَّعِيَّةُ إِلَى الْوَالِي حَقَّهُ ، وأَدَّى الْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ ، وقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ ، واعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ ، وجَرَتْ عَلَى أَذْلَالِهَا السُّنَنُ ، فَصَلَحَ بِذَلِكَ الزَّمَانُ ، وطُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ ، ويَئِسَتْ مَطَامِعُ الأَعْدَاءِ . وإِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا ، أَوْ أَجْحَفَ الْوَالِي بِرَعِيَّتِهِ ، اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ ، وظَهَرَتْ مَعَالِمُ الْجَوْرِ ، وكَثُرَ الإِدْغَالُ فِي الدِّينِ ، وتُرِكَتْ مَحَاجُّ السُّنَنِ ، فَعُمِلَ بِالْهَوَى ، وعُطِّلَتِ الأَحْكَامُ ، وكَثُرَتْ عِلَلُ النُّفُوسِ ، فَلَا يُسْتَوْحَشُ لِعَظِيمِ حَقٍّ عُطِّلَ ، ولَا لِعَظِيمِ بَاطِلٍ فُعِلَ فَهُنَالِكَ تَذِلُّ الأَبْرَارُ ، وتَعِزُّ الأَشْرَارُ ، وتَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ الْعِبَادِ .« الكتب والرسائل » 5 / 5 وإِنَّ عَمَلَكَ لَيْسَ لَكَ بِطُعْمَةٍ ولَكِنَّهُ فِي عُنُقِكَ أَمَانَةٌ ، وأَنْتَ مُسْتَرْعًى لِمَنْ فَوْقَكَ . لَيْسَ لَكَ أَنْ تَفْتَاتَ فِي رَعِيَّةٍ ، ولَا تُخَاطِرَ إِلَّا بِوَثِيقَةٍ .