فَأُوبُوا شَرَّ مَآبٍ ، وارْجِعُوا عَلَى أَثَرِ الأَعْقَابِ .« خطبة » 192 / 234 أَنَا وَضَعْتُ فِي الصِّغَرِ بِكَلَاكِلِ الْعَرَبِ ، وكَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِيعَةَ ومُضَرَ . وقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ - بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ ، والْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ . وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ ، ويَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ ، ويُمِسُّنِي جَسَدَهُ ، ويُشِمُّنِي عَرْفَهُ . وكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ ، ومَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ ، ولَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ . ولَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ - منْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ ، ومَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ ، لَيْلَهُ ونَهَارَهُ . ولَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ ، يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ عَلَماً ، ويَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ . ولَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ ، ولَا يَرَاهُ غَيْرِي . ولَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الإِسْلَامِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ - وخَدِيجَةَ وأَنَا ثَالِثُهُمَا . أَرَى نُورَ الْوَحْيِ والرِّسَالَةِ ، وأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ .ولَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ - فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ فَقَالَ : « هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ . إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ ، وتَرَى مَا أَرَى ، إِلَّا أَنَّكَ