وَاعِظاً بِمَوْتَى عَايَنْتُمُوهُمْ ، حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ غَيْرَ رَاكِبينَ ، وأُنْزِلُوا فِيهَا غَيْرَ نَازِلِينَ ، فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِلدُّنْيَا عُمَّاراً ، وكَأَنَّ الآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً . أَوْحَشُوا مَا كَانُوا يُوطِنُونَ ، وأَوْطَنُوا مَا كَانُوا يُوحِشُونَ ، واشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا ، وأَضَاعُوا مَا إِلَيْهِ انْتَقَلُوا .« خطبة » 189 / 231 فَمِنَ الإِيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً مُسْتَقِرّاً فِي الْقُلُوبِ ، ومِنْهُ مَا يَكُونُ عَوَارِيَّ بَيْنَ الْقُلُوبِ والصُّدُورِ ، « إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ » .فَإِذَا كَانَتْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ مِنْ أَحَدٍ فَقِفُوهُ حَتَّى يَحْضُرَهُ الْمَوْتُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقَعُ حَدُّ الْبَرَاءَةِ .« خطبة » 190 / 232 وبَادِرُوا الْمَوْتَ وغَمَرَاتِهِ ، وامْهَدُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ ، وأَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ : فَإِنَّ الْغَايَةَ الْقِيَامَةُ وكَفَى بِذَلِكَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ ، ومُعْتَبَراً لِمَنْ جَهِلَ وقَبْلَ بُلُوغِ الْغَايَةِ مَا تَعْلَمُونَ مِنْ ضِيقِ الأَرْمَاسِ ، وشِدَّةِ الإِبْلَاسِ ، وهَوْلِ الْمُطَّلَعِ ، ورَوْعَاتِ الْفَزَعِ ، واخْتِلَافِ الأَضْلَاعِ ، واسْتِكَاكِ الأَسْمَاعِ ، وظُلْمَةِ اللَّحْدِ ، وخِيفَةِ الْوَعْدِ ، وغَمِّ الضَّرِيحِ ، ورَدْمِ الصَّفِيحِ .الْزَمُوا الأَرْضَ ، واصْبِرُوا عَلَى الْبَلَاءِ . ولَا تُحَرِّكُوا بِأَيْدِيكُمْ وسُيُوفِكُمْ فِي هَوَى أَلْسِنَتِكُمْ ، ولَا تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ يُعَجِّلْهُ اللَّهُ لَكُمْ .فَإِنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى فِرَاشِهِ وهُوَ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِّ رَبِّهِ وحَقِّ رَسُولِهِ