« الكتب والرسائل » 45 / 45 وإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الأَكْبَرِ ، وتَثْبُتَ عَلَى جَوَانِبِ الْمَزْلَقِ . ولَوْ شِئْتُ لَاهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ ، إِلَى مُصَفَّى هَذَا الْعَسَلِ ، ولُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ ، ونَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّ . ولَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ ، ويَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الأَطْعِمَةِ - ولَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لَا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ ، ولَا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ - أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وأَكْبَادٌ حَرَّى ، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ :وحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ * وحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ اعْزُبِي عَنِّي فَوَاللَّهِ لَا أَذِلُّ لَكِ فَتَسْتَذِلِّينِي ، ولَا أَسْلَسُ لَكِ فَتَقُودِينِي . وايْمُ اللَّهِ - يَمِيناً أَسْتَثْنِي فِيهَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ - لأَرُوضَنَّ نَفْسِي رِيَاضَةً تَهِشُّ مَعَهَا إِلَى الْقُرْصِ إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ مَطْعُوماً ، وتَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوماً ولأَدَعَنَّ مُقْلَتِي كَعَيْنِ مَاءٍ ، نَضَبَ مَعِينُهَا ، مُسْتَفْرِغَةً دُمُوعَهَا . أَتَمْتَلِئُ السَّائِمَةُ مِنْ رِعْيِهَا فَتَبْرُكَ وتَشْبَعُ الرَّبِيضَةُ مِنْ عُشْبِهَا فَتَرْبِضَ ويَأْكُلُ عَلِيٌّ مِنْ زَادِهِ فَيَهْجَعَ قَرَّتْ إِذاً عَيْنُهُ إِذَا اقْتَدَى بَعْدَ السِّنِينَ الْمُتَطَاوِلَةِ بِالْبَهِيمَةِ الْهَامِلَةِ ، والسَّائِمَةِ الْمَرْعِيَّةِ
( 1 ) انظر : الفصل السابع الأخلاق كله والشيطان الجنة والنار الموت والقبر وما بعده التهجد