الْفَقْرِ والذُّلِّ ، فَهَلَّا أُلْقِيَ عَلَيْهِمَا أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ؟ » إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وجَمْعِهِ ، واحْتِقَاراً لِلصُّوفِ ولُبْسِهِ ولَوْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لأَنْبِيَائِهِ حَيْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ ، ومَعَادِنَ الْعِقْيَانِ ، ومَغَارِسَ الْجِنَانِ ، وأَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ ووُحُوشَ الأَرَضِينَ لَفَعَلَ ، ولَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ ، وبَطَلَ الْجَزَاءُ ، واضْمَحَلَّتِ الأَنْبَاءُ ، ولَمَا وَجَبَ لِلْقَابِلِينَ أُجُورُ الْمُبْتَلَيْنَ ، ولَا اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ ، ولَا لَزِمَتِ الأَسْمَاءُ مَعَانِيَهَا . ولَكِنَّ اللَّهً سُبْحَانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ أُولِي قُوَّةٍ فِي عَزَائِمِهِمْ ، وضَعَفَةً فِيمَا تَرَى الأَعْيُنُ مِنْ حَالَاتِهِمْ ، مَعَ قَنَاعَةٍ تَمْلأُ الْقُلُوبَ والْعُيُونَ غِنًى ، وخَصَاصَةٍ تَمْلأُ الأَبْصَارَ والأَسْمَاعَ أَذًى .ولَوْ كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ أَهْلَ قُوَّةٍ لَا تُرَامُ ، وعِزَّةٍ لَا تُضَامُ ، ومُلْكٍ تُمَدُّ نَحْوَهُ أَعْنَاقُ الرِّجَالِ ، وتُشَدُّ إِلَيْهِ عُقَدُ الرِّحَالِ ، لَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَى الْخَلْقِ فِي الِاعْتِبَارِ ، وأَبْعَدَ لَهُمْ فِي الِاسْتِكْبَارِ ، ولَآمَنُوا عَنْ رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ ، أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِمْ ، فَكَانَتِ النِّيَّاتُ مُشْتَرَكَةً ، والْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً . ولَكِنَّ اللَّهً سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الِاتِّبَاعُ لِرُسُلِهِ ، والتَّصْدِيقُ بِكُتُبِهِ ، والْخُشُوعُ لِوَجْهِهِ ، والِاسْتِكَانَةُ لأَمْرِهِ ، والِاسْتِسْلَامُ لِطَاعَتِهِ ، أُمُوراً لَهُ خَاصَّةً ، لَا تَشُوبُهَا مِنْ غَيْرِهَا شَائِبَةٌ . وكُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوَى والِاخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ الْمَثُوبَةُ والْجَزَاءُ أَجْزَلَ .