15 - الرزاق والرزق « خطبة » 23 / 23 أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ الأَمْرَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ كَقَطَرَاتِ الْمَطَرِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا قُسِمَ لَهَا مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ لأَخِيهِ غَفِيرَةً فِي أَهْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ فَلَا تَكُونَنَّ لَهُ فِتْنَةً فَإِنَّ الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ مَا لَمْ يَغْشَ دَنَاءَةً تَظْهَرُ فَيَخْشَعُ لَهَا إِذَا ذُكِرَتْ ، ويُغْرَى بِهَا لِئَامُ النَّاسِ ، كَانَ كَالْفَالِجِ الْيَاسِرِ الَّذِي يَنْتَظِرُ أَوَّلَ فَوْزَةٍ مِنْ قِدَاحِهِ تُوجِبُ لَهُ الْمَغْنَمَ ، ويُرْفَعُ بِهَا عَنْهُ الْمَغْرَمُ ، وكَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ الْبَرِيءُ مِنَ الْخِيَانَةِ يَنْتَظِرُ مِنَ اللَّهِ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ : إِمَّا دَاعِيَ اللَّهِ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ ، وإِمَّا رِزْقَ اللَّهِ فَإِذَا هُوَ ذُو أَهْلٍ ومَالٍ ، ومَعَهُ دِينُهُ وحَسَبُهُ . وإِنَّ الْمَالَ والْبَنِينَ حَرْثُ الدُّنْيَا ، والْعَمَلَ الصَّالِحَ حَرْثُ الآخِرَةِ ، وقَدْ يَجْمَعُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لأَقْوَامٍ ، فَاحْذَرُوا مِنَ اللَّهِ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ ، واخْشَوْهُ خَشْيَةً لَيْسَتْ بِتَعْذِيرٍ ، واعْمَلُوا فِي غَيْرِ رِيَاءٍ ولَا سُمْعَةٍ فَإِنَّهُ مَنْ يَعْمَلْ لِغَيْرِ اللَّهِ يَكِلْهُ اللَّهُ لِمَنْ عَمِلَ لَهُ . نَسْأَلُ اللَّهً مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ ، ومُعَايَشَةَ السُّعَدَاءِ ، ومرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ .