نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 630
إنّ الحسن والقبح العقليين وإن صارا معرضاً للنقاش بين العدلية والأشاعرة ولكن الحسن والقبح العرفيين أمر لا يمكن أن ينكر ، فالأكل في الطريق وإن كان أمراً مباحاً ولكن تستنفره طبائع الناس ، فعلى النبي تنزيه ساحته عن كلّ ما يوجب انفضاض الناس عنه ، ولا يقلّ عن هذا العمل ، الطوافُ على النساء التسع على رواية أو الإحدى عشرة على رواية أُخرى في ليلة واحدة أمام شاب مراهق كأنس . فلو كان الحافز لذلك العمل هو بيان الحكم الشرعي وانّه يجوز الاقتصار على غسل واحد لجنابات متعددة فما أيسر بيانَه في ثنايا كلماته ومواعظه كسائر ما أفاده من الأحكام والسنن . وهل كان الجمع بين النساء في الدخول في ليلة واحدة أمراً مفروضاً عليه مع انّ أصل وطء الزوجة أمر مختلف فيه في فقه أهل السنّة ، فالحنابلة على أنّه يجب على الزوج وطء زوجته في كلّ أربعة أشهر مرّة واحدة إن لم يكن له عذر ، والحنفية على أنّه ليس لها حق المطالبة به في العمر إلاّ مرّة واحدة ، والشافعية على أنّه ليس للمرأة الحقّ في مطالبة الرجل بالوطء لأنّ عقد النكاح واقع على أن يستمتع الرجل بها فالمعقود عليها هي المرأة لا الرجل فعلى هذا فالوطء حقّه . ( 1 ) وعليه لا يتصور وجوب الوطء إلاّ على مذهب الحنابلة دون غيرهم ، كما لا يجب الوطء في ليلة واحدة بل له « صلى الله عليه وآله وسلم » أداء حقّهن ضمن ليالي . ثمّ إنّ ما برّر به أنس إمكان عمل النبي بعد ما سئل عن إطاقة النبي فأجاب : كنّا نتحدث انّه أُعطي قوة ثلاثين رجلاً . ( 2 ) أمر مشكل ، فإن أوقفه النبي على ذلك فلماذا لم ينسبه إليه ؟ وإن أخذه من غيره فمن أوقفه على ذلك ؟ ومن أين عرف انّ نبي الإسلام أُعطي قوة ثلاثين رجلاً ؟
1 - مسند أحمد : 3 / 291 . 2 - لاحظ الفقه على المذاهب الأربعة : 4 / 240 - 241 .
630
نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 630