responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني    جلد : 1  صفحه : 165


انّه خلق الإنسان فاعلاً مختاراً وقدَّر أن يكون هو مصدراً للأعمال عن اختيار .
أقول : إنّ القدر بالمعنى الذي جاء في هذه الرواية وغيرها من الأفكار التي طرحت بعد رحيل النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » وفرّق المسلمين إلى فرقتين .
إحداهما : فرقة تفسّر الكون وما يصدر من الإنسان بتقديره سبحانه ، وانّه لا مؤثر ولا فاعل ولا سبب إلاّ اللّه سبحانه ، وانّه ليس ثمة دور للفواعل الطبيعية كالنار والماء ولا لغيرهما من الفواعل العالمة والمريدة .
فالقدر بهذا المعنى هو الجبر المطلق ، وقد بثتها اليهود في الأوساط الإسلامية ، ولأجل ذلك ذهبوا إلى أنّ يد اللّه سبحانه مغلولة بعد التقدير لا يمكن له أن يبدل القدر ، قال سبحانه : ( وَقالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا ) ( المائدة / 64 ) .
وقد اغترّ السُّذّج من المسلمين بهذه الإسرائيليات ، وحيكت العديد من الروايات لدعم فكرة القدر ، وإعطائها حجماً أكبر ممّا تستحق ، وانّها نافذة تطل على الكون والحياة الإنسانية وما يصدر من الخير والشرّ ، ومنها هذه الرواية .
ثانيهما : إثبات الاختيار للإنسان وجعل المسؤولية على عاتقه في المجال الذي يناط به الإيمان والكفر ، والثواب والعقاب ، والحسن والقبح ، على وجه يجتمع مع القول بقضائه سبحانه وقدره بالبيان التالي :
إنّ تقديره سبحانه يشمل جميع العلل والفواعل ، والجماد والحيوان والإنسان ، ولكن تختلف كيفية التقدير حسب اختلاف ذوات الفواعل ، فالتقدير في الفاعل الطبيعي هو أن يصدر منه الفعل جبراً بلا اختيار ، ومثله ما يصدر من الحيوان ، فإنّه وإن كان فاعلاً شاعراً ، ولكنّه فاعل غير مختار ، فالتقدير فيه صدور الفعل عن شعور بلا اختيار .

165

نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني    جلد : 1  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست