نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 133
وقال سبحانه : ( فَإِنْ أَمِنَ بَعضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤدِّ الَّذي اؤْتُمِنَ أَمانَتَه ) ( البقرة / 283 ) . 2 . أخرج الإمام أحمد ، عن أبي إدريس ، عن أبي الدرداء ، عن النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » ، قال : لكلّ شيء حقيقة ، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم انّ ما أصابه لم يكن ليُخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه . ( 1 ) إنّ ما يصيب الإنسان أو يخطئه على قسمين ، تارة يعد من أفعاله التي يناط بها الإيمان والكفر والثواب والعقاب ، وهذا القسم من الأفعال غير خارج عن اختياره فلو أصابه أو أخطأه فإنّما أصاب أو أخطأ باختياره فلا يصحّ أن يقال انّ ما أصابه لم يمكن ليخطأه أو ما أخطأه لم يكن ليصيبه ، إذ معنى ذلك انّ الإيمان والكفر والطاعة والعصيان من الأُمور التي لم يكن للعبد فيها دور ، فالمؤمن لم يكن له بدّ من الإيمان ، والكافر لم يكن له بد من الكفر ، والمطيع لم يكن له إلاّ الطاعة ، والعاصي لم يكن له إلاّ العصيان فلم يكن في وسع المطيع ، العصيانُ كما انّه لم يكن في وسع العاصي ، الطاعةُ . فالقول باللابدية في هذا النوع من الأفعال عين الجبر وهو ينافي القرآن الكريم المنادي للاختيار والذي يخاطب المجتمع الإنساني بقوله : ( فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُر ) ( الكهف / 29 ) . نعم ، ينطبق ما ورد في الحديث على الأُمور الخارجة عن مجال الاختيار ، فالحوادث والنوازل أُمور يواجهها الإنسان بلا اختيار وقد قدِّر ، ولم يكن محيص من التقدير ، قال سبحانه : ( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كتاب مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلى اللّهِ يَسِير ) ( الحديد / 22 ) .
1 - مسند أحمد : 6 / 441 .
133
نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 133