نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 125
بمشيته ، وعلى ذلك فالقول بالعدوى والصفر يرجع حقيقته إلى أنّه سبحانه خلق العالم على تلك السنن ، فلو انتشر الجرب من بعير مريض إلى سالم فقد انتشر بأمره سبحانه ، ولو أخضرَّت الحقول المكتظة بالأشجار بالماء فقد أخضرّت بأمره ومشيته ، لأنّه سبحانه جعل الماء سبباً لنمو الأشجار واخضرارها حتى أنّه سبحانه ربما يستدل بالسنن الكونية على توحيده . ويقول : ( وَفِي الأَرْض قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنّاتٌ مِنْ أَعْناب وَزَرعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغيْرُ صِنْوان يُسقى بِماء واحِد وَنُفضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْض فِي الأُكُلِ إِنَّ في ذلِكَ لآيات لِقَوم يَعْقِلُونَ ) ( الرعد / 4 ) . فاللّه سبحانه يستدل باختلاف الأشجار والأثمار وتنوعها على الرغم من وحدة التراب والماء على أنّ ثمة قدرة قاهرة مدبرة للكون ، وليست العلل الطبيعية هي السبب التام لتفتّح براعم الأزهار واخضرار الأشجار ، وإلاّ يجب أن لا يحتضن العالم إلاّ نوعاً واحداً من الشجر لوحدة التراب والماء ، فهذه الروايات حيكت على منوال إنكار الأسباب الطبيعية بزعم انّ القول بها ينافي التوحيد في الخالقية ، أو الربوبية . ولعل المصدر لهذه الرواية هو أبو هريرة وقد نقلها كما نقل ضدها . أخرج البخاري ، من طريق أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » : لا عدوى ولا صَفَرَ ( 1 ) ولا هامة ( 2 ) فقال أعرابي : يا رسول اللّه ما بال الإبل تكون في الرَّمل كأنّها الظَّباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربّها ، فقال رسول اللّه « صلى الله عليه وآله وسلم » : فمن أعدى الأوّل . ( 3 )
1 - ما يتوهم منه حصول الدواهي في شهر صفر . 2 - هامة ( بتخفيف الميم ) طائر كان أهل الجاهلية يزعمون انّ روح الميت تنقلب هامة ، فأبطل الإسلام هذه الخرافة ولعل المراد منه البوم الذي يضرب به المثل في الشؤم . 3 - صحيح البخاري : 7 / 138 ، باب لا هامة من كتاب الطب .
125
نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 125