responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوحيد نویسنده : المفضل بن عمر الجعفي    جلد : 1  صفحه : 42


قارب الفناء ، فقد استشعر الفقر ، والوجل من فناء ماله وخوف الفقر على أن الذي يدخل على الإنسان فناء العمر أعظم مما يدخل عليه من فناء المال ، لأن من يقل ماله يأمل أن يستخلف منه ، فيسكن إلى ذلك ، ومن أيقن بفناء العمر استحكم عليه اليأس وإن كان طويل العمر ، ثم عرف ذلك ، وثق بالبقاء ، وانهمك في اللذات والمعاصي ، وعمل على أنه يبلغ من ذلك شهوته ، ثم يتوب في آخر عمره . وهذا مذهب لا يرضاه الله من عباده ولا يقبله ، ألا ترى لو أن عبدا لك عمل على أنه يسخطك سنة ويرضيك يوما أو شهرا ، لم تقبل منه ، ولم يحل عندك محل العبد الصالح دون أن يضمر طاعتك ونصحك في كل الأمور ؟ وفي كل الأوقات ، على تصرف الحالات ( فإن قلت ) أو ليس قد يقيم الإنسان على المعصية حينا ثم يتوب فتقبل توبته ؟ ( قلنا ) : إن ذلك شئ يكون من الإنسان لغلبة الشهوات له وتركه مخالفتها . من غير أن يقدرها نفسه ، ويبني عليه أمره ، فيصفح الله عنه ، ويتفضل عليه بالمغفرة . فإما من قدر أمره على أن يعصي ما بدا له ، ثم يتوب آخر ذلك ، فإنما يحاول خديعة من لا يخادع ، بأن يتسلف [1] التلذذ في العاجل ، ويعد ويمني نفسه التوبة في الآجل ، ولأنه لا يفي بما يعد من ذلك ، فإن النزوع الترفه والتلذذ ومعاناة [2] التوبة ، ولا سيما عند الكبر وضعف البدن ، أمر صعب ، ولا يؤمن على الإنسان ، مع مدافعته بالتوبة أن يرهقه الموت ، فيخرج من الدنيا غير تائب ، كما قد يكون على الواحد دين إلى أجل ، وقد يقدر على قضائه ، فلا يزال يدافع بذلك حتى يحل الأجل ، وقد نفذ المال ، فيبقى الدين قائما عليه . فكان خير الأشياء للإنسان أن يستر عنه مبلغ عمره ،



[1] التسلف : الاقتراض كأنه يجري معاملة مع ربه ، بأن يتصرف في اللذات عاجلا ويعد ربه في عوضها التوبة ليؤدي إليه آجلا . . . وفي بعض النسخ يستسلف وهو طلب وبيع الشئ سلفا .
[2] المعاناة : مقاساة العناء والمشقة .

42

نام کتاب : التوحيد نویسنده : المفضل بن عمر الجعفي    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست