عندهم ( قوسموس ) وتفسيره الزينة ، وكذلك سمته الفلاسفة ومن ادعى الحكمة ، أفكانوا يسمونه بهذا الأسم إلا لما رأوا فيه التقدير والنظام فلم يرضوا أن يسموه تقديرا ونظاما سموه زينة ، ليخبروا انه مع ما هو عليه من الصواب والاتقان ، على غاية الحسن والبهاء . ( عمى ماني دلائل الحكمة وادعاؤه علم الأسرار ) اعجب يا مفضل من قوم لا يقضون على صناعة الطب بالخطأ ، وهم يرون الطبيب يخطئ ، ويقضون على العالم بالإهمال ، ولا يرون شيئا منه مهملا ، بل أعجب من أخلاق من ادعى الحكمة ، حتى جهلوا مواضعها في الخلق ، فأرسلوا ألسنتهم بالذم للخالق جل وعلا . . بل العجب من المخذول ( ماني ) حين ادعى علم الأسرار وعمي عن دلائل الحكمة في الخلق حتى نسبه إلى الخطأ ونسب خالقه إلى الجهل تبارك الحكيم الكريم . ( انتقاد المعطلة فيما راموا أن يدركوا بالحس ما لا يدرك بالعقل ) وأعجب منهم جميعا ( المعطلة ) الذين راموا أن يدركوا بالحس ما لا يدرك بالعقل ، فلما أعوزهم ذلك ، خرجوا إلى الجحود والتكذيب ، فقالوا ولم لا يدرك بالعقل ؟ قيل لأنه فوق مرتبة العقل ، كما لا يدرك البصر ما هو فوق مرتبته . . فإنك لو رأيت حجرا يرتفع في الهواء علمت أن راميا رمى به ، فليس هذا العلم من البصر ، بل من قبل العقل ، لأن العقل هو الذي يميزه ، فيعلم أن الحجر لا يذهب علوا من تلقاء نفسه . . أفلا ترى كيف وقف البصر على حده ، فلم يتجاوزه ، فكذلك يقف العقل حده من معرفة الخالق فلا يعدوه ، ولكن يعقله بعقل أقر فيه نفسا ولم يعاينها ، ولم يدركها بحاسة من الحواس .