< فهرس الموضوعات > الحكمة في خلق الشجر وأصناف النبات < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > خلق الورق ووصفه < / فهرس الموضوعات > منسوجة نسجا دقيقا معجما ، لو كان مما يصنع بالأيدي كصنعة البشر لما فرغ من ورق شجرة واحدة في عام كامل ، ولاحتيج إلى آلات وحركة وعلاج وكلام ، فصار يأتي منه في أيام قلائل من الربيع ما يملأ الجبال والسهل وبقاع الأرض كلها بلا حركة ولا كلام ، إلا بالإرادة النافذة في كل شئ والأمر المطاع . . واعرف مع ذلك العلة في تلك العروق الدقاق ، فإنها جعلت تتخلل الورقة بأسرها ، لتسقيها وتوصل الماء إليها ، بمنزلة العروق المبثوثة في البدن ، لتوصل الغذاء إلى كل جزء منه ، وفي الغلاظ منها معنى آخر ، فإنها تمسك الورقة بصلابتها ومتانتها ، لئلا تنهتك وتتمزق ، فترى الورقة شبيها بورقة معمولة بالصنعة من خرق قد جعلت فيها عيدان ممدودة في طولها وعرضها لتتماسك فلا تضطرب . . فالصناعة تحكي الخلقة وإن كانت لا تدركها على الحقيقة . ( العجم والنوى والعلة في خلقه ) فكر في هذا العجم والنوى والعلة فيه ، فإنه جعل في جوف الثمرة ليقوم مقام الغرس إن عاق دون الغرس عائق ، كما يحرز الشئ النفيس الذي تعظم الحاجة إليه في مواضع آخر ، فإن حدث على الذي في بعض المواضع منه حادث وجد في موضع آخر ، ثم هو بعد يمسك بصلابته رخاوة الثمار ورقتها ، ولولا ذلك لتشدخت [1] وتفسخت ، وأسرع إليها الفساد وبعضه يؤكل ويستخرج دهنه ، فيستعمل منه ضروب من المصالح ، وقد تبين لك موضع الأرب في العجم والنوى . فكر الآن في هذا الذي تجده فوق النواة من الرطبة ، وفوق العجم من العنبة ، فما العلة فيه ؟ ولما ذا يخرج في هذه الهيئة ؟ وقد كان يمكن أن يكون