والثعلب إذا اعوزه الطعم ، تماوت ونفخ بطنه ، حتى يحسبه الطير ميتا ، فإذا وقعت عليه لتنهشه ، وثب عليها فأخذها . فمن أعان الثعلب العديم النطق والروية بهذه الحيلة ، إلا من توكل بتوجيه الرزق له من هذه وشبهه . فإنه لما كان الثعلب يضعف عن كثير مما تقوى عليه السباع من مساورة الصيد ، أعين بالدهاء والفطنة والاحتيال لمعاشه . والدلفين [1] يلتمس صيد الطير ، فيكون حيلته في ذلك أن يأخذ السمك فيقتله ويسرحه [2] حتى يطفو على الماء ثم يكمن تحته ويثور الماء الذي عليه حتى لا يتبين شخصه ، فإذا وقع الطير على السمك الطافي وثب إليها فاصطادها . فانظر إلى هذه الحيلة كيف جعلت طبعا في هذه البهيمة لبعض المصلحة . ( التنين والسحاب ) قال المفضل فقلت : أخبرني يا مولاي عن التنين [3] والسحاب ، فقال عليه السلام ، إن السحاب كالموكل به ، يختطفه حيثما ثقفه [4] ، كما يختطف حجر المغناطيس الحديد ، فهو لا يطلع رأسه في الأرض خوفا من السحاب ، ولا يخرج إلا في القيظ [5] مرة إذا صحت السماء فلم يكن فيها
[1] الدلفين - بضم فسكون - دابة بحرية كبيرة والجمع دلافين ، واللفظ دخيل ومرادفه في العربية الدخس - بضم ففتح - . [2] في الأصل المطبوع يشرحه بالشين ، لكن كلمة يسرحه هنا أكثر أداء للمعنى المقصود . [3] التنين - بالكسر - الحية العظيمة والجمع تنانين . [4] ثقفه : أدركه وظفر به . [5] القيظ : حميم الصيف وشدة الحر والجمع أقياظ وقيوظ .