يسمعون ، رضوا بالدون [1] ، وحسبوا ، أنهم مهتدون ، حادوا [2] عن مدرجة [3] الأكياس [4] ورتعوا في مرعى الأرجاس [5] الأنجاس ، كأنهم من مفاجآت الموت آمنون ، وعن المجازات مزحزحون ، يا ويلهم ما أشقاهم ، وأطول عناءهم وأشد بلاءهم * ( يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله ) * ! قال المفضل : فبكيت لما سمعت منه ! . . . فقال : لا تبك تخلصت إذ قبلت ، ونجوت إذ عرفت . ( أبنية أبدان الحيوان وتهيئتها وإيضاح ذلك ) ثم قال : ابتدئ لك بذكر الحيوان ليتضح لك من أمره ما وضح لك من غيره . فكر في أبنية أبدان الحيوان ، وتهيئتها على ما هي عليه فلا هي صلاب كالحجارة . ولو كانت كذلك لا تنثني [6] ، ولا تتصرف في الأعمال ، ولا هي على غاية اللين والرخاوة ، فكانت لا تتحامل ، ولا تستقل بأنفسها ، فجعلت من لحم رخو ينثني ، تتداخله عظام صلاب يمسكه عصب وعروق تشده ، وتضم بعضه إلى بعض ، وغلفت [7] فوق ذلك بجلد يشتمل على البدن كله وأشباه ذلك ، هذه التماثيل التي تعمل
[1] الدون ، أريد به هنا معنى الخسيس الحقير السافل . [2] حادوا : مالوا . [3] مدرجة جمع مدارج ، ما يساعد على التوصل إلى ما هو أفضل أو أعلى منه . [4] الأكياس : جمع كيس بتشديد الياء - أي الفطن الحسن الفهم والأدب . [5] الأرجاس لعله جمع رجس - بالكسر - القذر والمأثم أو كل ما استقذر من العمل والعمل المؤدي إلى العذاب . [6] لا تنثني : لا تنعطف ولا تميل . [7] في نسخة وعليت .