responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوحيد نویسنده : المفضل بن عمر الجعفي    جلد : 1  صفحه : 45


وسقيها والقيام عليها وخلقت له العقاقير لأدويته ، فكلف لقطها [1] وخلطها وصنعها ، وكذلك تجد سائر الأشياء على هذا المثال .
فانظر كيف كفى الخلقة التي لم يكن عنده فيها حيلة . وترك عليه في كل شئ من الأشياء موضع عمل وحركة ، لما له في ذلك من الصلاح ، لأنه لو كفى كله ، حتى لا يكون له في الأشياء موضع شغل وعمل ، لما حملته الأرض أشرا وبطرا [2] ولبلغ به ذلك إلى أن يتعاطى أمورا فيها تلف نفسه ، ولو كفى كل ما يحتاجون إليه لما تهنأوا [3] بالعيش ولا وجدوا له لذة . . . ألا ترى لو أن امرءا نزل بقوم ، فأقام حينا بلغ جميع ما يحتاج إليه من مطعم ومشرب وخدمة ، لتبرم بالفراغ ونازعته نفسه إلى التشاغل بشئ ، فكيف لو كان طول عمره مكفيا لا يحتاج إلى شئ ؟
فكان من صواب التدبير في هذه الأشياء التي خلقت للإنسان : أن جعل له فيها موضع شغل ، لكيلا تبرمه البطالة ، ولتكفه عن تعاطي ما لا يناله ، ولا خير فيه أن ناله .
( الخبز والماء رأس معاش الإنسان وحياته ) واعلم يا مفضل أن رأس معاش الإنسان وحياته : الخبز والماء . . .
فانظر كيف دبر الأمر فيهما ، فإن حاجة الإنسان إلى الماء أشد من حاجته إلى الخبز ، وذلك أن صبره على الجوع أكثر من صبره على العطش ، والذي يحتاج من الماء أكثر مما يحتاج إليه من الخبز ، لأنه يحتاج إليه لشربه ووضوئه وغسله وغسل ثيابه وسقي أنعامه وزرعه فجعل الماء مبذولا



[1] اللقط مصدر من لقط الشئ : أخذه من الأرض بلا تعب . ولقط الطائر الحب : أخذه بمنقاره .
[2] الأشر والبطر : ( كلاهما بالفتح ) بمعنى واحد .
[3] وفي نسخة البحار تهنوا .

45

نام کتاب : التوحيد نویسنده : المفضل بن عمر الجعفي    جلد : 1  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست