ورووا أن آدم وحواء كفرا بالله تعالى وأشركا ، وتأولوا قول الله عز وجل : هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشيها حملت حملا " خفيفا " فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا " لنكونن من الشاكرين * فلما آتاهما صالحا " جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون 1 على خلاف تأويله .
1 - هما آيتا 189 و 190 من سورة الأعراف فمن أراد الأخبار الوردة في ذيل الآيتين من طرق أهل السنة فليراجع تفسير الدر المنثور للسيوطي فإنه ذكر في كتابه المذكور في تفسير الآيتين ما فيه كفاية وأما تفسير الآيتين بوجه لا ينافي عصمة آدم عليه السلام فهو مذكور في كتاب تنزيه الأنبياء لعلم الهدى فمن أراد التفصيل فليراجعه وأما بنحو الاجمال فهو مذكور في مجمع البيان للطبرسي وفي روض الجنان لأبي الفتوح الرازي وسائر التفاسير المعتبرة فلنشر إلى بعض ما ذكره الطبرسي وهو أنه قال في ذيل هذه الفقرة من الآية " وجعلا له شركاء فيما آتاهما " ما نصه : " اختلف في من يرجع الضمير الذي في " جعلا له " على وجوه ( فخاض في بيان الوجوه إلى أن قال ) ورابعها ما روته العامة أنه يرجع إلى آدم وحواء وأنهما جعلا لله شركاء في التسمية وذلك أنهما أقاما زمانا لا يولد لهما ، فمر بهما إبليس ولم يعرفاه فشكوا إليه فقال لهما : إن أصلحت حالكما حتى يولد لكما ولد أتسميانه باسمي ؟ - قالا : نعم وما اسمك ؟ - قال الحارث ، فولد لهما فسمياه عبد الحارث ذكره ابن فضال . وقيل : إن حواء حملت أول ما حملت فأتاها إبليس في غير صورته فقال لها : يا حواء ما يؤمنك أن يكون ما في بطنك بهيمة ؟ فقالت لآدم : لقد أتاني أت فأخبرني أن الذي في بطني بهيمة وأن لأجد له ثقلا فلم يزالا في هم من ذلك ثم أتاها فقال : إن سألت الله أن يجعله خلقا " سويا " مثلك ويسهل عليك خروجه أتسميه عبد الحارث ؟ - ولم يزل بها حتى غرها فسمته عبد الحارث برضى آدم وكان اسم إبليس عند الملائكة الحارث . وهذا الوجه بعيد تأباه العقول وتنكره فإن البراهين الساطعة التي لا يصح فيها الاحتمال ولا يتطرق إليها المجاز والاتساع قد دلت على عصمة الأنبياء فلا يحوز عليهم الشرك والمعاصي وطاعة الشيطان فلو لم نعلم تأويل الآية لعلمنا على الجملة أن لها وجها يطابق دلالة العقل فكيف وقد ذكرنا الوجوه الصحيحة الواضحة في ذلك ، على أن الرواية الواردة في ذلك قد طعن العلماء في سندها بما هو مذكور في موضعه ولا نحتاج إلى إثباته فإن الآية تقتضي أنهم أشركوا الأصنام التي تخلق ولا تخلق لقوله تعالى : أتشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ، وفي خبرهم أنهما أشركا إبليس اللعين فيما ولد لهما بأن سموه عبد الحارث وليس في ظاهر الآية لإبليس ذكر وحكى البلخي عن جماعة من العلماء أنهم قالوا : لو صح الخبر لم يكن في ذلك إلا أنهما أشركا في التسمية وليس ذلك بكفر ولا معصية واختاره الطبري . وروى العياشي في تفسيره عنهم عليهم السلام أنهم قالوا : كان شركهما شرك طاعة ولم يكن شرك عبادة " . أقول : للسيد المرتضى ( ره ) مجلس في تأويل هذه الآية في أماليه المعروف بالغرر والدرر ( أنظر مجلس 72 ، ص 235 - 231 ج 2 من النسخة المطبوعة بتحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ) .