responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإيضاح نویسنده : الفضل بن شاذان الأزدي    جلد : 1  صفحه : 351


وقلتم : إن يوسف الصديق - عليه السلام - كذب حين قال : إنكم لسارقون 1 وما سرقوا ، فسميتم هذا كذبا " والله عز وجل يقول في كتابه : كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم 2 . فزعمتم أن الله عز وجل كاد بالكذب . وادعيتم نبوة أحد عشر نبيا " من ولد يعقوب لم ينطق الكتاب بنبوتهم وقلتم : إن الأنبياء - عليهم السلام - قد كذبوا وسرقوا وخانوا أماناتهم وعقوا آباءهم .
ونسبتم نوحا " - عليه السلام - أنه كذب في قوله : إن ابني من أهلي 3 ، وكان ابن - امرأته فقال : ابني ، على ذلك المعنى كما تبنى النبي - صلى الله عليه وآله - زيد بن حارثة قال الله عز وجل : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم - النبيين 4 ثم قال : ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله 5 .
ورويتم أن موسى بن عمران - عليه السلام - لطم ملك الموت فأعوره 6 ، وأن


1 - ذيل آية 70 من سورة يوسف . 2 - آية 76 من سورة يوسف . 3 - من آية 45 من سورة هود وتمام الآية هكذا : " ونادى نوح ربه فقال : رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين " . 4 - صدر آية 40 من سورة الأحزاب وذيلها : " وكان الله بكل شئ عليما " . 5 - صدر آية 5 من سورة الأحزاب . 6 - قال شرف الدين العاملي ( ره ) في كتاب أبي هريرة تحت عنوان " لطم موسى عين ملك الموت فأعوره " ( أنظر ص 83 - 87 من طبعة مطبعة العرفان بصيدا سنة 1365 ) . " أخرج الشيخان ( أي البخاري ومسلم ) في صحيحيهما بالإسناد إلى أبي هريرة قال : جاء ملك الموت إلى موسى عليهما السلام فقال له : أجب ربك قال : فلطم موسى عين ملك - الموت ففقأها ، قال : فرجع الملك إلى الله تعالى فقال : إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت ففقأ عيني قال : فرد الله إليه عينه وقال : ارجع إلى عبدي فقل له : الحياة تريد ؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت بيدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة ، الحديث ، وأخرجه أحمد من حديث أبي هريرة في مسنده ( فمن أراد موارد ذكره في الصحيحين فليراجع كتاب أبي هريرة ) وفيه : أن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا " قال : فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه الحديث وأخرجه ابن جرير الطبري في الجزء الأول من تاريخه عن أبي هريرة ولفظه عنده : إن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا حتى أتى موسى فلطمه ففقأ عينه وفي آخره : إن ملك الموت جاء إلى الناس خفيا " بعد موت موسى . وأنت ترى ما فيه مما لا يجوز على الله تعالى ولا على أنبيائه ولا على ملائكته أيليق بالحق تبارك وتعالى أن يصطفي من عباده من يبطش على الغضب بطش الجبارين ؟ ! ويوقع بأسه حتى في ملائكة الله المقربين ؟ ! ويعمل عمل المتمردين ؟ ! ويكره الموت كراهة الجاهلين ؟ ! وكيف يجوز ذلك على موسى ؟ ! وقد اختاره الله لرسالته ، وائتمنه على وحيه ، وآثره بمناجاته ، وجعله من سادة رسله ، وكيف يكره الموت هذا الكره مع شرف مقامه ؟ ! ورغبته في القرب من الله تعالى والفوز بلقائه ؟ ! وما ذنب ملك الموت عليه السلام ؟ ! وإنما هو رسول الله إليه ؟ ! وبما استحق الضرب والمثلة فيه بقلع عينه ؟ ! وما جاء إلا عن الله وما قال له سوى : أجب ربك ، أيجوز على أولي العزم من الرسل إهانة الكروبيين من الملائكة وضربهم حين يبلغونهم رسالات الله وأوامره عز وجل ؟ ! تعالى الله وتعالت أنبياؤه وملائكته عن ذلك علوا " كبيرا " . ونحن لم برئنا من أصحاب الرس وفرعون موسى وأبي جهل وأمثالهم ولعناهم بكرة وأصيلا " ؟ أليس ذلك لأنهم آذوا رسل الله حين جاؤوهم بأوامره ؟ فكيف نجوز مثل فعلهم على أنبياء الله وصفوته من عباده ؟ ! حاشا لله إن هذا لبهتان عظيم . ثم إن من المعلوم أن قوة البشر بأسرهم بل قوة جميع الحيوانات منذ خلقها الله تعالى إلى يوم القيامة لا تثبت أمام قوة ملك الموت فكيف والحال هذه تمكن موسى ( ع ) من الوقيعة فيه ؟ وهلا دفعه الملك عن نفسه ؟ مع قدرته على إزهاق روحه ، وكونه مأمورا " من الله تعالى بذلك ، ومتى كان للملك عين يجوز أن تفقأ ؟ ! ولا تنس تضييع حق الملك وذهاب عينه ولطمته هدرا " ، إذ لم يؤمر الملك من الله بأن يقتص من موسى صاحب التوراة التي كتب الله فيها " أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص " ( إشارة إلى آية 45 من سورة المائدة ) ولم يعاتب الله موسى على فعله هذ بل أكرمه إذ خيره بسببه بين الموت والحياة سنين كثيرة بقدر ما تواريه يده من شعر الثور ، وما أدري والله ما الحكمة في ذكره شعر الثور بالخصوص ؟ ! وأما وعزة الحق وشرف الصدق وعلوهما على الباطل والإفك لقد حمل هذا الرجل ( أي أبو هريرة ) أولياءه ما لا طاقة لهم به وكلفهم بأحاديثه هذه بما لا تحتمله عقولهم أبدا ولا سيما قوله في هذا الحديث : إن ملك الموت قبل وفاة موسى كان يأتي الناس عيانا " و إنما جاءهم خفيا " بعد موت موسى ، نعوذ بالله من سبات العقل وخطل القول والفعل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " . وقال في ذيل الصفحة : " لو أن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا " قبل وفاة موسى لطفحت به الأخبار واشتهر اشتهار الشمس في رابعة النهار فما بال المحدثين والمؤرخين وأهل الأخبار من جميع الأمم أغفلوا هذا الخبر لو كان له أثر وما بال القصاصين والمخرفين ما حام خيالهم حوله ، فهل تركوا الامتياز به لأبي هريرة ؟ ! " وقال الثعالبي في ثمار القلوب في المضاف والمنسوب ما نصه : ( أنظر ص 53 من طبع دار نهضة مصر للطبع والنشر سنة 1384 ) " لطمة موسى تضرب مثلا لما يسوء أثره ، وفي أساطير الأولين أن موسى سأل ربه أن يعلمه بوقت موته ليستعد لذلك ، فما كتب الله له سعادة المحتضر أرسل إليه ملك الموت وأمره بقبض روحه بعد أن يخبره بذلك ، فأتاه في صورة آدمي وأخبره بالأمر ، فما زال يحاجه ويلاجه ، وحين رآه نافذ العزيمة في ذلك لطمه لطمة فذهبت منها إحدى عينيه ، فهو إلى الآن أعور وفيه قيل : يا ملك الموت لقيت منكرا * لطمة موسى تركتك أعورا وأنا برئ من عهدة هذه الحكاية " وقال محمود أبو رية في كتاب شيخ المضيرة بعد نقل شئ من الأخبار ونقل شئ من كلام الثعالبي ونقل براءته من عهدة الحكاية ( أنظر ص 218 من الطبعة الثانية من الكتاب ) : " ومن العجيب أن يصف الثعالبي هذا الحديث بأنه من أساطير الأولين بعد أن رواه البخاري ومسلم ، وهذا مما يدل على أن هذين الكتابين لم يكن لهما في القرون الأولى الإسلامية تلك القداسة التي جعلت لهما بعد ذلك والثعالبي كما هو معروف قد مات في سنة 430 ه‌ " . أقول : تقدم فيما سبق ما يؤيد هذه البيانات ( أنظر ص 29 - 31 ) .

351

نام کتاب : الإيضاح نویسنده : الفضل بن شاذان الأزدي    جلد : 1  صفحه : 351
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست