نام کتاب : الأمثال والحكم المستخرجة من نهج البلاغة نویسنده : محمد الغروي جلد : 1 صفحه : 51
والتّذاكير جمع تذكار . والمثلان الأوّلان أحسن من الثّالث ، وكان الثّالث من تتمّة الثّاني . وقد قالت العرب في الجاهليّة هذا المعنى . وجاء في القرآن العزيز : « أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ولَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ والضَّرَّاءُ وزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ الله أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ » . [1] وهذا مثل قوله : « لا تجتمع عزيمة ووليمة » : أي لا يجتمع لكم دخول الجنّة والدّعة والقعود عن مشقّة الحرب . [2] أقول : الظَّلم جمع الظَّلمة ، وهي كما تطلق على ظلمة اللَّيل ، تقال على الكفر والفسق ، وما يترك على لوحة النّفس من سواد الذّنوب وظلمتها . وعليه فلعلّ المراد : المعنى الأعمّ من ظلمة اللَّيل الَّتي ينام فيها ، الذّاهبة بأنوار الهمم وتذاكيرها ، ومن ظلمة النّفس المتكوّنة عن الذّنوب ، وهي أيضا تمحو ضياء الفكرة ونور الهمّة . فهذا المثل الثّالث أحسن من المثلين المتقدّمين ، وأدقّ منهما ، والَّذي دعا المعتزليّ على العكس هو العطف له على الثّاني ، ولعلّ النّسخة الأصليّة بلفظ : « وما أمحى الظَّلم لتذاكير الهمم » واللَّه العالم . وكيف كان ، إنّ الإمام عليه السّلام يحذّر مغبّة التّساهل في الجهاد الظَّاهريّ والباطنيّ ، والكلام العلويّ جامع لهما ، بل الباطنيّ أهمّ ، لأنّه الجهاد الأكبر على ما نطق الخبر :