responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأمالي نویسنده : الشيخ الطوسي    جلد : 1  صفحه : 28


فإنكم طرد الموت ، إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم ، وهو ألزم لكم من ظلكم ، الموت معقود بنواصيكم ، والدنيا تطوى خلفكم ، فأكثروا ذكر الموت عندما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات ، وكفى بالموت واعظا ؟ وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت ، فيقول : أكثروا ذ كر الموت ، فإنه هادم اللذات ، حائل بينكم وبين الشهوات .
يا عباد الله ، ما بعد الموت لمن لم يغفر له أشد من الموت : القبر ، فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته ، إن القبر يقول كل يوم : أنا بيت الغربة ، أنا بيت التراب ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود والهوام ، والقبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النيران ، إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض : مرحبا وأهلا ، لقد كنت ممن أحب أن يمشي على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك ؟ فتتسع له مد البصر . وإن الكافر إذا دفن قالت له الأرض : لا مرحبا ولا أهلا ، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك ، فتضمه حتى تلتقي أضلاعه .
وان المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر ، إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا [1] ، فينهشن لحمه ، ويكسرن عظمه ، ويترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث ، لو أن تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا أبدا .
اعلموا يا عباد الله أن أنفسكم الضعيفة ، وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا ، فإن استطعتم أن تجزعوا لأجسادكم وأنفسكم مما لا طاقة لكم به ولا صبر لكم عليه ، فاعملوا بما أحب الله واتركوا ماكره الله .
يا عباد الله ، إن بعد البعث ما هو أشد من القبر ، يوم يشيب فيه الصغير ، ويسكر منه الكبير ، ويسقط فيه الجنين ، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت ، يوم عبوس قمطرير ، ويوم كان شره مستطيرا . إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم ، وترعد منه السبع الشداد ، والجبال الأوتاد ، والأرض المهاد ، وتنشق السماء فهي



[1] التنين : الحية العظيمة .

28

نام کتاب : الأمالي نویسنده : الشيخ الطوسي    جلد : 1  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست