سمينة عن عبّاد العصفريّ ، فلا يمكن نسبة التدليس إليه بوجه وربّما وقع هذا الأمر من المروي عنه ، ووجهه لا يخفى على الأذكياء العارفين بالظروف التي كان يعيشها أصحابنا في ذلك الزمان . وروى الشيخ المفيد كتب أبي سمينة ، كما في فهرس النجاشي في ترجمته . وقال الشيخ في عدّة الأُصول : " وإذا كان أحد الراويين مصرّحاً والآخر مدلّساً ، فليس ذلك ممّا يرجَّح به خبره ؛ لأنّ التدليس هو أن يذكره باسم أو صفة غريبة ، أو ينسبه إلى قبيلة أو صناعة وهو بغير ذلك معروف ، فكلّ ذلك لا يوجب ترك خبره . وإذا كان أحد الراويين مسنداً والآخر مرسلاً ، نُظر في حال المرسِل ، فإن كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق به ، فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، ولأجل ذلك سوَّت الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر - وغيرهم من الثقات الذين عُرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثق به - وبين ما أسنده غيرهم ، ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم . فأمّا إذا لم يكن كذلك ويكون ممّن يرسل عن ثقة وعن غير ثقة ، فإنّه يقدّم خبر غيره عليه . وإذا انفرد وجب التوقّف في خبره إلى أن يدلّ دليل على وجوب العمل به . فأمّا إذا انفردت المراسيل فيجوز العمل بها على الشرط الذي ذكرناه ، ودليلنا على ذلك الأدلّة التي قدّمناها على جواز العمل بأخبار الآحاد ؛ فإنّ الطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل ، فبما يُطعن في واحد منهما يُطعن في الآخر ، وما أجاز أحدهما أجاز الآخر ، فلا فرق بينهما على حال . وإذا كان إحدى الروايتين أزيد من الرواية الأُخرى ، كان العمل بالرواية الزائدة أولى ؛ لأنّ تلك الزيادة في حكم خبر آخر ينضاف إلى المزيد عليه " [1] .