ذلك إلاّ الصدوق ( قدس سره ) لشدّة وثوقه به ، حتّى قال ( رحمه الله ) في كتاب من لا يحضره الفقيه : إنّ كلّ ما لم يصحّحه ذلك الشيخ ولم يحكم بصحّته من الأخبار ، فهو عندنا متروك غير صحيح . وسائر علماء الرجال ونقَدة الأخبار تحرّجوا عن نسبة الوضع إلى محمّد بن موسى ، وصحّحوا أصل زيد النرسيّ ، وهو أحد الأُصول التي أُسند وضعها إليه ، وكذا أصل زيد الزرّاد . وسكوتهم عن كتاب خالد بن سدير لا يقتضي كونه موضوعاً ، ولا كون محمّد بن موسى واضعاً ؛ إذ من الجائز أن يكون عدم تعرّضهم له لعدم ثبوت صحته لا لثبوت وضعه ، فلا يوجب تصويب ابن الوليد لا في الوضع ولا في الواضع ، أو لكونه من موضوعات غيره ، فيقتضي تصويبه في الأوّل دون الثاني . وثالثها : استثناؤه من كتاب نوادر الحكمة . والأصل فيه محمّد بن الحسن بن الوليد أيضاً ، وتابعه على ذلك الصدوق وأبو العبّاس بن نوح ، بل الشيخ والنجاشيّ أيضاً . وهذا الاستثناء لا يختصّ به ، بل المستثنى من ذلك الكتاب جماعة وليس جميع المستثنين وَضَعةً للحديث ، بل منهم المجهول الحال ، والمجهول الاسم ، والضعيف بغير الوضع ، بل الثقة على أصح الأقوال ؛ كالعبيديّ ، واللؤلؤي . فلعلّ الوجه في استثناء غير الصدوق وشيخه ابن الوليد جهالة محمّد بن موسى أو ضعفه من غير سبب الوضع . والموافقة لهما في الاستثناء لا تقتضي الاتّفاق في التعليل ، فلا يلزم من استثناء من وافقهما ضعف محمّد بن موسى عنده ، فضلاً عن كونه وضّاعاً . وقد بان لك بما ذكرنا مفصّلاً اندفاع الاعتراضين بأبلغ الوجوه " . [1] أقول : وجاء في تنقيح المقال [2] أنّ محمّد بن موسى الهمدانيّ قد وقع في طريق الصدوق ( رحمه الله ) في باب صوم التطوّع من الفقيه ، وقد جزم غير واحد بكونه محمّد بن
[1] الفوائد الرجالية للسيّد بحر العلوم : ج 2 ص 356 ونقله عنه في خاتمة مستدرك الوسائل : ج 1 ، ص 70 ، ط - مؤسسة آل البيت ( عليهم السلام ) لإحياء التراث . [2] تنقيح المقال : ج 3 ، ص 193 .