وبخلوا بها عليه [1] . ولكن الذي يضعّف هذه الرأي أنّ الشيخ الحرّ استفاد منها في كتابه إثبات الهداة ، وهو من الكتب التي ألّفها في مطلع حياته العلمية ، وكان ذلك قبل تأليف الوسائل . وكتب الشيخ الحرّ على ظهر النسخة التي اعتمدنا عليها في تحقيقنا - وكانت من ممتلكاته - : " اعلم أنّي تتبّعت أحاديث هذه الكتب الأربعة عشر ، فرأيت أكثر أحاديثها موجوداً في الكافي أو غيره من الكتب المعتمدة ، والباقي له مؤيّدات فيها ، ولم أجد فيها شيئاً منكراً سوى حديثين محتملين للتقية وغيرها " . ووقّع تحته بهذه العبارة : " حرّره محمّد الحرّ " . وقال العلاّمة المجلسي في توثيقه لكتاب زيد النرسي والزرّاد - كما سيأتي - : " إنّا أخذناهما من نسخة قديمة مصححة بخطّ الشيخ منصور بن الحسن الآبي ، وهو نقلها من خطّ الشيخ الجليل محمّد بن الحسن القمّي ، وكان تاريخ كتابتها سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وذكر أنّه أخذهما وسائر الأُصول المذكورة بعد ذلك من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسى التلعكبري ( رحمه الله ) " [2] . وقال في المستدرك حول نسخته من هذه المجموعة : " وهذه النسخة كانت عند العلاّمة المجلسي - كما صرّح به في أوّل البحار - ومنها انتشرت النسخ " [3] . أقول : فنعم ما أقرّ به الشيخ الحرّ ، وهو من المطّلعين على أحاديث العترة ؛ فإنّ
[1] أقول : إنّ ظاهرة احتكار الكتب ومنع روّاد العلم والمعرفة من الإفادة منها والارتشاف من مناهلها ، تعدّ - في الحقيقة - من الظواهر السيئة والدنيئة في المجتمع ، ولقد تحمّل العلماء والمثقّفون من جرّاء ذلك - وعلى مرّ العصور - الكثير من المعاناة . يحكى أنّ العلاّمة المجلسي ( رحمه الله ) كان قد احتاج إلى بعض الكتب الموجودة في أصفهان ، فطلبها من أصحابها فرفضوا إعطاءه إيّاها بالرغم من منزلته ورئاسته ونفوذه ، فكيف بالآخرين ! ولا تزال الظاهرة نفسها قائمة في أوساطنا العلمية بالرغم من كثرة المكتبات والإمكانات والتقنيات ، فكم يلاقي الباحث والمحقّق من عناء ومشقّة ورفض في سبيل الحصول على بعض النسخ أو مصوّرة عنها ! [2] بحار الأنوار : ج 1 ، ص 43 . [3] خاتمة مستدرك الوسائل : ج 1 ، ص 38 .