سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأُصول التي رواها أهل العلم من حملة حديث أهل البيت وأقدمها ؛ لأنّ جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنّما هو عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذرّ ، ومن جرى مجراهم ممّن شهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وسمع منهما . وهو من الأُصول التي ترجع الشيعة إليها ويعوّل عليها " [1] . وفي فهرست ابن النديم - عند ذكر أسماء كتب أبان بن تغلب - قال : " كتاب من الأُصول في الرواية على مذاهب الشيعة " [2] . فظهر من هذه الكلمات : أنّ الأصل كان يطلق على كلّ كتاب للرواية ، وفي الغالب كان ينسب إلى جامعه بالهيئة الخاصّة ، وأحياناً - وبضرب من التأويل - كان ينسب للرواة له ، وكان له صورة خاصة متعارفة في ذلك العصر . [3] ويظهر من بعض القرائن أنّ بعض كتب الرواية والأُصول - التي كانت تنسب إلى الأشخاص - كان حصيلة جلسات إملاء الحديث وقراءته ، وبعد انتهاء الجلسة كانوا يجيزون لتلامذتهم كتابتها وروايتها عنهم . ولكن ليس معنى هذا القول أنّ جميع الأُصول التي رويت كانت بهذه الصورة وأنّ لأصحابها جلسات منظّمة ، بل إنّ بعض الأُصول لم يروِها إلاّ شخص واحد ، كما يظهر من بعض كتب الأخبار ؛ فمثلاً : كتاب خلاد في مجموعتنا هذه لم يرد إلاّ من طريق ابن أبي عمير ، ولم نعثر له في كتب أصحابنا إلاّ على رواية واحدة ، فكلّ ما نقلوه عنه كان من ضمن كتابنا هذا لا غير . ولا يعقل أن يكون رجل متّصفاً برواية الحديث وروايته بهذه القلّة التي لا تتجاوز مجلساً واحداً من مجالس الحديث ! وإن كان لا يستبعد وجود روايات أُخرى ورواة آخرين له ولأمثاله لم تصل أخبارهم إلينا . واندرست آثارهم ، ولم تكن لرواتها القدرة
[1] الغيبة للنعماني : ص 101 . [2] فهرست ابن النديم : ص 276 . [3] لمزيد من الاطّلاع راجع كتاب نهاية الدراية : ص 522 - 535 .