وعن الشيخ حسين بن عبد الصمد - والد الشيخ البهائي - في درايته أنّه قال : " قد كُتب من أجوبة مسائله هو [ أي الإمام الصادق ( عليه السلام ) ] فقط أربعمائة مصنَّف لأربعمائة مصنِّف تسمّى الأُصول ، في أنواع العلوم " [1] . وعن الشهيد الثاني في شرح الدراية أنّه قال : " استقرّ أمر المتقدّمين على أربعمائة مصنَّف لأربعمائة مصنِّف سمّوها أُصولاً ، فكان عليها اعتمادهم " [2] . والذي يظهر من مجموع التتبّعات - والله العالم - أنّ المراد من مفهومي " الكتاب " و " الأصل " معنى واحد غالباً ، وقد يستعمل الكتاب في ما هو أعمّ . وأمّا قول أصحابنا المتقدّمين في فهارسهم : " له كتاب " أو " له أصل " فالمقصود أنّ صاحبه كان من الرواة عن الأئمّة ، أو من أهل الفضل ومن مشايخ الرواية ، وله كتاب في الرواية عن الأئمّة ، وصاحب رواية ويروى عنه . [3] فالأصل : عبارة عن نسخة أو كتاب - ولو صغير - يحتوي على مجموعة من روايات بعض الرواة عن الإمام سواء مع الواسطة أو بدونها ، فكان من سيرة الأذكياء من خيار الأصحاب الاهتمام بحفظ الحديث وجمعه وكتابته ودراسته ونشره ، فربّما كان لبعضهم العشرات من هذه الأُصول التي تعتبر مادّة علمهم ومقدار معرفتهم . فأُصول الرواية كانت على قسمين : قسم منها بشكل التصنيف والتنظيم بين الروايات مع مقدار من الشرح والبيان والتوضيح ، وآخر بشكل جمع ابتدائي غير منظّم . وفي الأعمّ الأغلب كان للقسم الأوّل اسم خاصّ ، ويطلق على الثاني : " الكتاب " أو " النسخة " أو " الأصل " أو " الرواية " ، ويضاف إلى اسم جامعه أو إلى راويه الأخير أيضاً باعتبار روايته له ، فكانت هي - في الحقيقة - دفاترَهم الشخصية في رواية الحديث ، وكانوا يعرضونها على التلاميذ أو أقرانهم الراغبين في رواية تلك الأحاديث عنهم ،
[1] وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار : ص 60 . [2] الرعاية في علم الدراية : ص 73 . [3] لمزيد من الاطّلاع راجع كتاب نهاية الدراية : ص 522 - 535 .