وقيل : الموطأ لمالك ، وقيل : أول من صنف وبوب ربيع بن صبيح [1] . وذكر الحافظ الذهبي في حوادث عام 143 ه : في هذا العصر شرع علماء الإسلام في مكة والمدينة بتدوين الحديث [2] . قال الدكتور أحمد أمين في ضمن البحث عن أمر عمر بن عبد العزيز : كل ما نعلمه أنه لم تصل إلينا هذه المجموعة ، ولم يشر إليها فيما نعلم جامعوا الحديث بعد ، ومن أجل هذا شك بعض الباحثين من المستشرقين في هذا الخبر ، إذ لو جمع شئ من هذا القبيل لكان أهم المراجع لجامعي الحديث ، ولكن لا داعي إلى هذا الشك ، فالخبر يروي لنا أن عمر أمر ، ولم يرو لنا أن الجمع تم ، فلعل موت عمر تم سريعا وعدل أبو بكر عن أن ينفذ ما أمر به [3] . وتلاحظ أيها المطالع أن العلماء قد اختلفوا في تاريخ تدوين الحديث ، وكذا في أول مؤلف من أهل السنة اختلافا شديدا ، وأما ثبوت التدوين في عهد عمر بن عبد العزيز فإنه خال من الدليل سوى ما قاله البخاري بهذا الصدد من أن عمر بن عبد العزيز قد أمر بجمع الأحاديث وتدوينها . ولكن هل هذا الأمر قد امتثل أم لا ؟ فالتاريخ بل القرائن والشواهد تثبت عكس ذلك . وعلى كل حال فإن الحديث قد تم تدوينه بعد قرن ونصف قرن من الزمان ، وعندئذ خرج من حيز النسيان والانزواء إلى حيز المدارسة والكتابة . ولما كان المسلمون ينظرون إلى التدوين بكونه عملا مخالفا للسنة ومحرما ، لذلك فإنهم استصعبوه واستثقلوه في بادئ الأمر حتى أجبرهم الخلفاء على ذلك . يقول معمر عن الزهري : كنا نكره كتابة العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء [4] .
[1] كشف الظنون 1 : 637 باب علم الحديث . [2] دراسات في الكافي والبخاري : 21 . [3] ضحى الإسلام 2 : 106 - 107 . [4] الطبقات الكبرى 2 : 389 ذكر من كان يفتي بالمدينة بعد أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، جامع بيان العلم 1 : 67 .