جرى الحديث ، تمتعنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومع أبي بكر ، فلما ولى عمر خطب الناس فقال : إن القرآن هو القرآن ، وإن رسول الله هو الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أحدهما متعة الحج ، والأخرى متعة النساء [1] . أقول : ذكرنا آنفا في فصل متعة الحج إن الإمام أحمد بن حنبل قد أسقط المقولة الأخيرة من كلام الخليفة حيث قال : ( وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ) [2] . قال السيوطي : عمر بن الخطاب أول من حرم المتعة [3] . وقال ابن رشد الأندلسي : واشتهر عن ابن عباس تحليلها وتبع ابن عباس على القول بها أصحابه من أهل مكة وأهل اليمن ، ورووا أن ابن عباس كان يحتج لذلك بقوله تعالى : ( فما استمتعتم به . . . ) وفي حرف عنه ( إلى أجل مسمى ) . وروي عنه أنه قال : ما كانت المتعة إلا رحمة من الله عز وجل رحم بها أمة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، ولولا نهي عمر عنها ما اضطر إلى الزنا إلا شقي . ورواه عنه ابن جريج وعمرو بن دينار وعن عطاء قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : تمتعنا على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأبي بكر ونصفا من خلافة عمر ، ثم نهى عنها عمر الناس [4] . أقول : إن ابن جريج الذي قال بجواز المتعة والذي نقل عنه الفقيه الفيلسوف ابن رشد هو أفقه علماء مكة في عهده توفي عام 150 من الهجرة . قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قلت لأبي : من أول من صنف الكتب ؟ قال : ابن جريج [5] .
[1] مسند الإمام أحمد بن حنبل 1 : 52 . [2] راجع ص 398 هامش 1 . [3] تاريخ الخلفاء : 137 فصل في أوليات عمر . [4] بداية المجتهد 2 : 63 . [5] تهذيب التهذيب لابن حجر 6 : 403 و 406 ترجمة عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي رقم 855 .