رجل : رويدك ببعض فتياك ، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين - عمر بن الخطاب - في النسك بعد ، حتى لقيه بعد . فسأله ، فقال عمر : قد علمت أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد فعله وأصحابه ، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم [1] . قال أحد المحشين على صحيح مسلم في بيان وتوضيح كلمة عمر ( تقطر رؤوسهم ) : وهذا التعبير أحسن من قول بعضهم : ( تقطر مذاكيرنا المني ) ، فبين سيدنا عمر العلة التي لأجلها كره التمتع ، وكان رأيه كما قال الزرقاني : عدم الترفه للحاج بكل طريق ، فكره قرب عهدهم بالنساء لئلا يستمر البلل إلى ذلك الحين - يوم عرفة - [2] . وقال الإمام السندي في بيان كلام عمر ( تقطر رؤوسهم ) : يريد أن الأفضل للحاج أن يتفرق شعره ويتغير حاله ، والتمتع في حق غالب الناس صار مؤديا إلى خلافه فنهيتهم لذلك [3] . أقول : وعلى كل حال فالهدف هو الذي أشرنا إليه ، فالهدف واحد والتعابير في ذلك متعددة كما قيل : تعددت الأسباب والموت واحد . وأما الجواب القاطع لكل هذه التبريرات والمخالفات هو ما قاله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لهم : أنا أتقاكم وأصدقكم وأبركم [4] . وقال تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) [5] .
[1] صحيح مسلم 2 : 896 كتاب الحج باب ( 22 ) باب في نسخ التحلل ح 157 ، سنن النسائي 5 : 153 كتاب مناسك الحج باب التمتع ، سنن ابن ماجة 2 : 992 كتاب مناسك باب ( 40 ) باب التمتع بالعمرة إلى الحج ح 2979 ، مسند الإمام أحمد بن حنبل 1 : 49 - 50 . [2] صحيح مسلم 4 : 46 حاشية الصحيح طبعة دار المعرفة للطباعة ، لبنان . [3] حاشية سنن النسائي 5 : 153 كتاب الحج باب التمتع . [4] راجع ص 395 هامش 1 . [5] الأحزاب : 36 .