هل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) كان يجهل أنه سيحدث بعد وفاته اختلاف ونزاع حول مسألة الإرث ؟ ولو كان هذا الحديث صحيحا لماذا لاثت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) - وهي من أصحاب الكساء ومعصومة من الذنوب والخطأ - [1] ، خمارها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في أمة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، حتى دخلت على أبي بكر ، وهو في حشر من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها ملائة ، فحنت ثم أنت أنة أجهش القوم لها بالبكاء ، فارتج المجلس ، ثم أمهلت هنيهة ، حتى إذا سكن نشيج القوم ، وهدأت فورتهم ، افتتحت الكلام وبدأت خطبتها التاريخية واحتجاجها الخالد . وبعد الحمد والثناء ذكرتهم بمتاعب أبيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقضية خلافة بعلها ، مستدلة بالبراهين الجلية ، والدلائل الواضحة ، ثم توجهت إلى أبي بكر ، وقالت : يا ابن أبي قحافة ، أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي . . . ؟ وبعد ذلك توجهت إلى قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقالت : قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب أبدت لنا رجال نجوى صدورهم * لما قضيت وحالت دونك الكثب تجهمتنا رجال واستخف بنا * إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب [2] فلو كان ما نسبه أبو بكر إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) صحيحا لماذا غضبت عليه فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) التي قال عنها الرسول : من أغضبها فقد أغضبني [3] ولم تكلم أبا بكر حتى
[1] راجع ص 330 . ل . [2] انظر الخطبة بكاملها واحتجاجها على أبي بكر في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16 : 211 ، بلاغات النساء : 12 ، والشافي للسيد المرتضى 4 : 70 . [3] راجع ص 346 .