رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من التركة والأيتام والأرامل ؟ فهل يمكن للعقل والضمير البشري أن يتصور أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خلف ما تركه وراءه من التركة - التعاليم الدينية والأصول الإسلامية - من دون تولية عليها ، وأنه ودع أيتامه وأرامله - جميع الناس - من دون أن ينصب لهم قيما ووليا ؟ ومن المستحيلات أن هذه المسألة لم تخطر بباله قط . وفضلا عن حكم العقل والوجدان فإن الشواهد التاريخية صريحة بأن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لم يدع أمرا - حتى وإن كان جزئيا - إلا وعين فيه من ينوب عنه ويقوم مقامه إذا عارضه أمر ما ، كما ثبت ذلك من خلال تعيينه قادة العسكر . وثبت في التاريخ أيضا أنه ( صلى الله عليه وآله ) قد أوصى إلى أمير المؤمنين الإمام علي ( عليه السلام ) أن يباشر تغسيله وتكفينه وقضاء ديونه ، الشخصية ، بينما هذه من الأمور الجزئية والبسيطة التي لم تفته . فكيف تغيب عنه الوصية في أمر الخلافة والإمامة التي هي من أهم المسائل والقضايا المصيرية ؟ والجواب على هذا التساؤل من وجهة نظر الشيعة فهو في غاية اليسر والسهولة ، ولا حاجة عندهم على الاستدلال عليها والاحتجاج فيها إلى أدنى تكلف وتعب . لأن الشيعة يعتقدون بأن موضوع الخلافة لم يغب حتى للحظة واحدة عن ذهن الناس إلا وقد سألوا عنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولم يكن الوصي مبهما لديهم لما كان الله عز وجل ورسوله يبينا بين آن وآخر ، منذ أن بعث الله محمدا ( صلى الله عليه وآله ) بالنبوة ، وأمره بأن يعلن الرسالة على ملاء ، حمله مسؤولية تبليغ الخلافة ونصب الخليفة ، ولم يدع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في تبليغ هذا الأمر مجالا للإبهام والإيهام عند الناس ، فبينه بأبلغ وجه ، فما مر عليه موقف إلا وتطرق إلى الخلافة وأخبر الناس عمن يتولى هذا المنصب من بعده . يروي ابن الأثير : لما نزل قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) [1] في أول البعثة دعا أقرباءه من بني عبد المطلب وأعمامه إلى مأدبة أقامها لهم ، وما أن فرغوا منها ، ورام