النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! ! . أفترى إن قيادة واقعة الجمل وسائر الحوادث ، والإفتاء بقتل الخليفة [1] وانقياد الناس لهذه القيادة والتزامهم بأوامرها ، وفتح جبهة أخرى ضد إمام عصرها أي الخليفة الحق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فهل كل هذه الأمور تستدعي أن تضخم شخصية عائشة وموقعها عند الناس ، إلى حد بحيث إذا أمرت بشئ كان لأمرها التأثير الكبير في نفوس المسلمين ، ويتلقوا أمرها فريضة دينية ، والدفاع عن عائشة وحمايتها جهاد في سبيل الله ؟ وهكذا ترفعوا في تضخيم شخصية عائشة وعظموا شأنها بحيث اختفت مخالفتها لصريح القرآن وأمره [2] ، ومعاندتها لأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) [3] خلف أستار هذا التضخيم ، حتى أن برؤوها وعملها عن النقد والمؤاخذة . . . وأفضل ذريعة تمسكوا بها في هذا المجال هو أن يصوروا لعائشة صورة مضخمة ، ويرسموا شخصيتها مكبرة بحيث قالوا : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان ينقاد لها ، وكان يتحمل الصعاب والمتاعب في سبيل رغباتها ، وكان يقف لتضع عائشة رأسها على كتفه لتتفرج على رقص الأحباش ، وأنه لم يكشف عن تعبه حتى تمل هي وتنزل ! ! وإن دل هذا على شئ فإنه يدل على أنهم يريدون بذلك إبراز العلاقة الشديدة عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالنسبة إلى عائشة ، وكان يسعى أن يلبي رغباتها ولم يبرز أي نوع من الضجر والملل ، حتى وإن بلغت ثمانية عشر عاما فإنها كانت تلعب بالبنات ، ولكي يطيب قلبها ويرضيها فكان يدعو الجواري ويشجعهن على اللعب مع عائشة .
[1] الفتوى التاريخية التي أصدرتها أم المؤمنين عائشة إذ أعلنت على الملأ بأن عثمان قد كفر ، وخرج عن الدين ، وارتد بعد إسلامه ، فلا بد من قتله وإعدامه ، وهذه الفتوى هو قولها : اقتلوا نعثلا فقد كفر . وسيأتيك فيما بعد مصدر هذه الفتوى ، فراجع . [2] قال تعالى مخاطبا نساء النبي : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) . الأحزاب : 33 . [3] راجع كتب الحديث والتاريخ والعقائد فيما ورد الكلام حول حرب الجمل وخروج عائشة محاربة خليفة رسول الله علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .