الندب في الحجر [1] . أقول : إن في هذا الحديث - وهو عندهم صحيح ومعتبر - انتقادات واستفسارات عدة تطرح نفسها : 1 - هل أن تشهير كليم الله ( عليه السلام ) بإبداء سوأته على مرأى من قومه يبقي موسى على مقامه ، ويحفظ شخصيته التي كان عليها قبل الواقعة أم لا ؟ ولا سيما إذا رآه القوم بتلك الحالة المضحكة ، وهو يعدو خلف حجر لا يسمع ولا يدرك شيئا ويناديه : ثوبي حجر ثوبي حجر . 2 - لو سلمنا بصحة الحديث ! فلا بد أن نقول بأن حركة الحجر من مكانه كانت إجبارية وبأمر من الله ، ففي هذه الحالة فما يعني غضب موسى ( عليه السلام ) ؟ وأي أثر لعقوبة الحجر وعتابه ؟ 3 - إن فرار الحجر بثياب موسى ( عليه السلام ) لا يبيح لموسى أن يبدي عورته ويهتك نفسه ، بل كان في إمكانه عقلا وشرعا أن يستتر في مكان ما ويستر عورته عن أعين الناس . وما ادعاه العيني والنووي من كون عمل موسى ( عليه السلام ) هذا معجزة ، فعلى فرض صحة دعواهما فلا بد أن يعلما أن المعجزة لا تأتي إلا إذا كان المقام مقام التحدي والتعجيز ، وما نسب إلى موسى ( عليه السلام ) بهذا الشأن لم يكن في مقام التحدي والتعجيز . وأما براءته من الادرة وغيره ، فليست من الأمور التي يباح في سبيلها هتكه وتشهيره ، ولا هي من المهمات التي تصدر بسببها الآيات والمعجزات ، ولو فرض ابتلاؤه بهذا المرض ، فأي بأس عليه ؟ ألم يصاب النبي شعيب ( عليه السلام ) في بصره ، وأيوب ( عليه السلام ) بجسمه ، وأنبياء الله قد مرضوا وماتوا بذلك . فهل هتكوا أنفسهم ؟ هذا على فرض ابتلائه بالإدرة ، فإن هذا الداء كان مستورا على أكثر الناس ولم يكونوا يعلمون بذلك .