أولا : كيف يليق بعبد اصطفاه الله للنبوة ويصير كليم الله أن يبطش بطش الجبارين والمتكبرين ، ويفقأ عيون الآخرين ، من دون سبب وخاصة إذا كان ذاك مأمورا من قبله تعالى ، ليوحي إلى الكليم أمرا من أوامر الله قائلا له : أجب ربك ؟ ثانيا : إن الله عز وجل كافأ النبي موسى ( عليه السلام ) خيرا ، لأنه ارتكب هذا الفعل المذموم ، ولم يعاقبه على فعله ، ولم يعتب عليه ، بل شرفه بشرافة أكبر ، وبشره بالعيش آلاف السنين . فيا عجبا بطشة واحدة ، وآلاف الجوائز ! ! ثالثا : كيف يتصور أن تنسب هذه القصة إلى موسى الذي اصطفاه الله بالنبوة ، وائتمنه على وحيه ، وانتجبه لمناجاته ، وجعله نبيا من أنبياء أولي العزم ، وقال تعالى مادحا إياه : ( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ) [1] . وقال تعالى : ( واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ) [2] . وقال تعالى : ( وكان عند الله وجيها ) [3] . فهل يتصور أن من نال هذه المرتبة الرفيعة والمنزلة الربانية ، يفر من الموت فرارا يترك لقاء الله والوصول إلى مرتبة أعلى العليين وذلك ببطشة واحدة ؟ رابعا : فهل يعقل أن الأنبياء وخاصة أولي العزم منهم ( عليهم السلام ) يهينون الملك الذي يأتيهم بالوحي من عند الله تعالى ؟ بينما نحن نتبرأ من الكفار والمشركين والجبابرة كفرعون ونمرود وأبي جهل ، ونعتبرهم أعداء لله عز وجل ، لأنهم رفضوا أوامر الله وعاندوا ،