جاءت هذه الآية بعد أن ذكر الله عز وجل ثمانية عشر نبيا وسماهم بأسمائهم [1] وبعد أن قال : ( ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم ) [2] قال تعالى : ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) [3] حيث أمر الله عز وجل بوجوب الاهتداء والاتباع بهدى الأنبياء وذلك لأن هذه الهداية الواجبة الاتباع ليست من نوع الهداية العامة ، بل هي مختصة بالأنبياء والرسل ( عليهم السلام ) . ويعلم بالضرورة والبداهة أن اختصاص الأنبياء بهذه الصفة لم يبق للذنوب والانحراف سبيلا إليهم ، وبعبارة أخرى : إن الهداية المذكورة مصداق بارز لآية أخرى هي قوله تعالى : ( ومن يهد الله فما له من مضل ) [4] وعندما نجمع بين مفهومي هاتين الآيتين معا نحصل على أن الله تعالى هدى أنبياءه ورسله ( عليهم السلام ) على نحو ينفي عنهم أي سبيل للانحراف والضلالة والذنوب إليهم . وبهذا أوجب الله تعالى على الآخرين متابعتهم والانقياد إليهم والاهتداء بسيرتهم وهديهم . وهنا لا بد أن نطرح سؤالا : ما هي حقيقة الضلالة والانحراف وماهيتهما اللتين نفاهما القرآن عن الأنبياء ( عليهم السلام ) ؟ بين القرآن حقيقة الضلالة في قوله تعالى : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ولقد أضل منكم جبلا كثيرا ) [5] وفي خلال النهي الصريح في الآية عن عبادة الشيطان واتباعه ترى أن الآية قد اعتبرت أن جميع المعاصي والضلالات التي تحصل بواسطة إبليس هو انحراف وضلال ، ولو أخذنا هذه الآيات
[1] وهم : إبراهيم - إسحاق - يعقوب - نوح - داود - سليمان - أيوب - يوسف - موسى - هارون - زكريا - يحيى - عيسى - إلياس - إسماعيل - اليسع - يونس - لوط . الأنعام 83 - 86 . المعرب [2] الأنعام : 87 . [3] الأنعام : 90 . [4] الزمر : 37 . [5] يس : 62 .