المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، وصلاته وسلامه على خاتم رسله وعلى آله الطاهرين . وبعد : فإن كل متتبع يعلم ضرورة أن من ألطاف الله جل شأنه على البشرية أن أرسل إليهم الأنبياء والمرسلين هداة للناس ، وخص هذه الأمة المرحومة بأشرف أنبيائه وخاتم سفرائه سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، إذ أرسله برسالة خالدة وبكتاب مجيد فيه تبيان كل شئ ، فمن تمسك به هدى ومن ضل عنه غوى وهوى . ولما كان هذا الكتاب المعجزة النبوية الخالدة يحتوي على الكليات والعمومات والاطلاقات والمحكمات والمتشابهات ما لا يفهمه ولا يدرك مغزاه إلا النبي ( صلى الله عليه وآله ) ومن غره النبي بالعلم غرا وعنده علم الكتاب ، فقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) بتفسيره وبيانه وتخصيص عموماته وتقييد محكماته عملا وقولا . فكان عمل النبي وقوله وتقريره - السنة النبوية - ركيزة ودعامة ثانية اعتمد عليها المسلمون في فهم دينهم ، ومعرفة الإسلام الذي أتى به النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وعندما افترقت الأمة علنا بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) كما كانوا فئات مختلفة في حياته رأى زعماء كل فرقة أهمية الحديث النبوي ودوره في استمرارية الدين وديمومته ومكانته الاجتماعية والثقافية والتوعوية ، فمنهم من أحضر التحديث عن النبي رواية وكتابة حتى آل الأمر إلى ضرب رواة الحديث وإقصائهم ومنعوا تدوينه ، ومنهم من أكد على ضرورة روايته وكتابته ، واعتبر أن أقوال النبي ( صلى الله عليه وآله ) كالقرآن ، وأنه قال : إنما أوتيت القرآن ومثله