هدفنا في البحث : هذا الذي ذكرناه كان خلاصة من تاريخ نقل الحديث وتدوينه عند أهل السنة منذ وفاة خاتم النبيين ( صلى الله عليه وآله ) إلى زمن خلافة عمر بن العزيز 99 - 101 ه . نقلناه من المصادر المهمة والمراجع المعتبرة ، وقد تحصلت من هذا التحليل المجمل مسألتان : 1 - إن تدوين الحديث عند أهل السنة بدأ بعد قرن واحد من تاريخ صدور الحديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولم يكن بين هاتين الفترتين - الصدور والتدوين - أي كتاب يعتمد عليه في التدوين ، وكان أكثر اعتماد المؤلفين والكتاب على ذاكرتهم وما تناقلته الألسن . 2 - ازدياد دواعي جعل الحديث : في الفترة التي تم فيها منع الحديث وتدوينه حيث ازدادت دواعي الجعل والوضع ، وكثر الوضاعون على لسان النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وبملاحظة هاتين الحقيقتين المذكورتين نتعجب ونندهش من صب أهل السنة جل اهتمامهم على هذه الصحاح الستة وخاصة الصحيحين ( البخاري ومسلم ) اللذين تشكل الروايات - من هذا النمط - المختلقة أكثر محتوياتهما ، وقد اعتبروهما أصح الكتب وأتقنها بعد القرآن ، بل حكموا في قطعية صدور كل ما ورد فيهما تماما كالقرآن . وصحة صدور ما احتوتهما من الأحاديث المشتملة على تلك الحقائق المذكورة ، وربما أولوا محكمات القرآن طبقا لما جاء في الأحاديث الواردة في كتبهم ( 1 ) . وهكذا أصبح الكتابان : صحيح البخاري وصحيح مسلم ، مدار العقائد عند أهل السنة وهذه الأمور هي التي دعتنا إلى البحث والتنقيب في الصحيحين وكشف حقيقتهما وماهيتهما ، كي تتجلى الحقائق التي استترت خلف الأستار السميكة من التقاليد
( 1 ستطلع - أيها القارئ الكريم - فيما يأتي آنفا على أهمية هذه الكتب عند أهل السنة وكيف أن أحمد بن حنبل يأول آيات القرآن إلى ما جاء في أحاديثهم .