المجتمع ، ومنهم من سجن وتعرض للتعذيب الجسدي والروحي والجلد وغيره ، وهذا علاوة على منع الخلافة العثمانية من نقل أحاديث الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ومخالفتهم للقرآن المجيد . فنفي الصحابي الجليل والزاهد في الدنيا أبي ذر الغفاري إلى الشام ، ومنها إلى صحراء الربذة ، وضرب الصحابي عبد الله بن مسعود والاعتداء عليه في وسط المسجد حتى انجر إلى كسر أضلعه ، وضرب عمار بن ياسر إلى درجة الأغماء وإصابته بالفتق ، وكذا الاعتداء ونفي وإهانة العشرات من الصحابة والمسلمين الأوائل ، كلها كانت نتائج سياسة عثمان [1] وديدنه إلى أن آل الأمر به أن يرقى المنبر ويعلن للناس منعه إياهم رواية كل حديث لم يسمع به . فقال : لا يحل لأحد أن يروي حديثا عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لم أسمع به في عهد أبي بكر ولا في عهد عمر [2] . وهكذا اشتد الوطيس على نقل الحديث وروايته حتى وصل ذروته . الحديث في عهد معاوية : كانت دواعي وضع الحديث في عهد معاوية وحكومته التي دامت أربعين عاما أشد من عهد الخلفاء قبله وخاصة في السنوات الخمسة والعشرين الأخيرة من حكمه [3] . وكلما مر الزمان كانت رغبة المسلمين تجاه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومعرفة مقامه وأهمية شأنه تزداد شيئا فشيئا ، وكانوا مولعين بسماع الأحاديث الصحيحة وروايتها ، وهذا ما لا شك فيه كان يضر بكيان معاوية وموقعه في المجتمع أكثر مما يتصور . ولذلك بادر معاوية إلى أن يتدارك المشكلة ويشيد الحكم الأموي ويقويه ، فعمد إلى اختلاق وجعل الأحاديث التي تنفع بحاله وتقوم سياسته وتوضع بديلة عن الأحاديث الصحيحة ، وتنشر في المجتمع ، وتروى للناس .
[1] راجع تفصيل القصة وشرحها في : الغدير 8 : 292 - 295 ، و ج 9 : 3 - 69 . [2] مسند أحمد بن حنبل 1 : 363 ، الطبقات الكبرى 2 : 336 ذكر من كان يفتي بالمدينة ويقتدى به . . . السنة قبل التدوين : 97 ، قبول الأخبار : 29 . [3] منذ موت الخليفة عثمان في سنة 35 حتى موته سنة 60 ه .