الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب ) [1] . وأما الأحاديث في ذلك فمتواترة ومتظافرة ، ونذكر هنا بعضها : الرسول يتحدى السنن الجاهلية : كانت العمرة في أشهر الحج في الجاهلية قبل الإسلام تعتبر من أكبر الذنوب وأفجر الفجور ، وقد شرعها الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وأمر بإتيانها في هذه الأشهر الثلاثة - شوال ذي القعدة وذي الحجة - وهو بتشريعه هذا الأمر تحدى قريش الجاهلية في تبليغ دعوته . ولما كان هذا الأمر على خلاف سنة الجاهلية وعادتهم ، فلذلك كان تشريعه ( صلى الله عليه وآله ) له في بداية الدعوة أمرا صعبا وعسيرا على بعض المسلمين أن يقبلوه ويؤمنوا به ، ولذلك تعاظم عليهم وخالفوا أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتشريعه لمتعة الحج . وفي هذا المورد أخرج البخاري ومسلم بإسنادهما عن ابن عباس قال : كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، ويجعلون المحرم صفرا ، ويقولون : إذا برأ الدبر وعفا الأثر ، وانسلخ صفر ، حلت العمرة لمن اعتمر . قدم النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأصحابه صبيحة رابعة - من ذي الحجة - مهلين بالحج ، فأمرهم أن يجعلوها عمرة ، فتعاظم ذلك عندهم . فقالوا : يا رسول الله أي الحل ؟ قال : ( حل كله ) [2] . وأخرج ابن ماجة في سننه بإسناده عن جابر بن عبد الله قال : أهللنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالحج خالصا ، لا نخلطه بعمرة ، فقدمنا مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة ، فلما طفنا بالبيت وسعينا بين الصفا والمروة ، أمرنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن نجعلها عمرة ، وأن نحل إلى النساء ، فقلنا : ما بيننا - ليس بيننا - وبين عرفة إلا خمس .
[1] البقرة : 196 . [2] صحيح البخاري 5 : 175 كتاب الحج باب التمتع والأقران بالحج ، صحيح مسلم 2 : 909 كتاب الحج باب ( 31 ) باب جواز العمرة في أشهر الحج ح 198 ، سنن النسائي 5 : 180 كتاب الحج باب إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسق الهدي .