برهة من الزمن . وأما أهل السنة وعلماؤهم فقد أطبقوا على الإفتاء في العمل بحج التمتع الذي كان جائزا في عهد النبي وتركوا الاقتداء والالتزام ببدعة الخليفة الذي حرم حج التمتع [1] . وقبل الخوض في المسألة أرى من الضروري أن نستلهم مجرى هذا الحكم وكيفيته ومتعلقاته من كتب الحديث والصحيحين . تعريفه : هو أن يحرم المتمتع بالعمرة إلى الحج في أحد أشهر الحج - شوال ، ذي القعدة وذي الحجة - ويلبي بها من الميقات ثم يأتي مكة ، ويطوف بالبيت سبعا ، ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعا ، ثم يقصر ويحل من إحرامه - ليحل له جميع ما حرم عليه بالإحرام - ، حتى ينشئ في تلك السنة نفسها إحراما للحج من مكة ، ويخرج لعرفات ، ثم يفيض إلى المشعر الحرام ، ومنها إلى منى ، ثم يأتي بباقي المناسك من رمي الجمار والهدي والحلق أو التقصير والطواف وغيرها مما هو مفصل في الكتب الفقهية . وسبب تسميته بحج التمتع هو أن فيه متعة والتذاذ بإباحة المحظورات التي حرمت بالإحرام في المدة التي تخللت بين الإحرامين - إحرام العمرة وإحرام الحج - يعني أن المتمتع له أن يتمتع ويلتذ بما حرم عليه بسبب إحرام التمتع وما حرم عليه بسبب إحرام الحج . وهذا فرض لمن يسكن خارج مكة مسافة ثمانية وأربعين ميلا أي ثمانية وسبعين كيلو مترا ، ووجوبه ثابت بالأدلة القرآنية الصريحة والسنة النبوية . قال تعالى : ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد
[1] راجع بداية المجتهد لابن رشد القرطبي 1 : 341 - 343 ، والفقه على المذاهب الأربعة لعبد الرحمن الجزيري 1 : 688 - 696 .