النبي كان يصدر أوامر في أواخر حياته هذيا ومن دون تعقل ، لأنه تارة يقول : لدوا الحاضرين في البيت بتلك العجينة المرة وأنا أنظر إليهم ، وتارة أخرى يقول : ائتوني بكتف ودواة لأكتب لكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي . النقيب وحديث اللدود : ومن العلماء الذين نفوا صحة حديث اللدود ، وحكم عليه بكونه مختلقا وموضوعا هو أبو جعفر النقيب أستاذ ابن أبي الحديد . يروي ابن أبي الحديد كلام أستاذه مع أنه كان مؤيدا للحديث ومخالفا لرأي أستاذه فيقول : سألت النقيب أبا جعفر عن حديث اللدود ، فقلت : ألد علي بن أبي طالب ذلك اليوم . فقال : معاذ الله لو كان لد لذكرت عائشة ذلك فيما تذكره وتنعاه عليه . قال : وقد كانت فاطمة حاضرة في الدار وابناها معها ، أفتراها لدت ولد الحسن والحسين ؟ ! كلا ، وهذا أمر لم يكن . وإنما هو حديث ولده من ولده تقربا إلى بعض الناس [1] . وأما النتيجة : فهذا الذي قرأته هو أسطورة حديث اللدود ، وتلك هي التناقضات والاختلافات في أحاديث اللدود والأسئلة التي ترد على مضامينها ، وقرأنا أيضا الغاية من اختلاقهم هذه الأسطورة الخرافية ، حتى أن واحدا من محققين العامة صمد في مقابل جميع محدثيهم ومؤرخيهم وأعلن اختلاقية وزيف هذه القصة . ولما كانت هذه الأسطورة الخرافية برأي علماء الشيعة وفقهائهم موضوعة ومختلقة ، وهي مباينة لعقيدتهم في النبوة ، لم يروها أحد من محدثيهم ومؤرخيهم ، بل إنهم لم يتصدوا للرد والجواب عن ذلك ، ومروا عليها مرورا غير معتنين بها وتركوها نسيا منسيا خلافا لعلماء العامة الذين بذلوا جهودا كثيفة في إثباتها [2] .
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13 : 32 . [2] رأيت في الآونة الأخيرة أن أحد مؤلفي العامة كتب كتابا وسطر فيه بعض الخز عبلات منها هذه الأسطورة ونمقها بعبارات وكلمات أدبية ، وثم حكم على علماء الشيعة الذين لم يروون هذه الرواية الأسطورية بأنهم ليسوا مطلعين ومضطلعين في المسائل التاريخية ، وللأسف أن هذا الحكم والتحكم قد أثر في بعض السذح والغافلين فاتخذوا الموقف السلبي تجاه علماء الشيعة ! !