سوى ما ذكرناه . ثانيا : فإن حديث أبي هريرة صورة مجملة لما ورد في التوراة . وهنا ندع الحكم والقضاء للقارئ اللبيب والباحث عن الحقيقة ، حتى يبدي رأيه في التطابق بين حديث أبي هريرة والنص التوراتي . ونختم بحثنا هذا بنكتة دقيقة ذكرها الفخر الرازي بهذا الصدد : قال في تفسيره : إعلم أن بعض الحشوية روى عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : ما كذب إبراهيم ( عليه السلام ) إلا ثلاث كذبات فقلت : الأولى أن لا نقبل مثل هذه الأخبار . فقال على طريق الاستنكار : فإن لم نقبله لزمنا تكذيب الرواة . فقلت له : يا مسكين إن قبلناه لزمنا الحكم بتكذيب إبراهيم ( عليه السلام ) ، وإن رددناه لزمنا الحكم بتكذيب الرواة ، ولا شك أن صون إبراهيم عن التكذيب أولى من صون طائفة من المجاهيل عن الكذب [1] . 2 - طواف سليمان بتسع وتسعون امرأة في ليلة عن عبد الرحمان بن هرمز قال : سمعت أبا هريرة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : قال سليمان بن داود : لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين ، كل منهن تأتي بفارس ، يجاهد في سبيل الله ، فقال له الملك - صاحبه - : قل : إن شاء الله ، فلم يقل : إن شاء الله ، فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل . والذي نفس محمد بيده ، لو قال : إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون . وفي هذه الرواية الصحيحة ! ! التي أخرجها البخاري ومسلم في الصحيحين عدة إيرادات : أولا : اضطراب نص الحديث : لأن عدة النساء اللاتي أراد سليمان ( عليه السلام ) أن يطوف عليهن في ليلة واحدة ، ذكر تارة إنهن مائة امرأة [2] وأخرى روي
[1] التفسير الكبير للفخر الرازي 18 : 119 . [2] صحيح البخاري 4 : 27 كتاب الجهاد باب من طلب الولد للجهاد ، و ج 7 : 50 كتاب النكاح باب قول الرجل لأطوفن الليل على نسائه .