والرسل ( عليهم السلام ) . الوحي والاجتهاد : كيفية الوحي : يستفاد من العديد من آيات الذكر الحكيم أن بين الله عز وجل وبين رسله - الذين أكرمهم بوحيه وخطابه - اتصال [1] ، وهذا الاتصال يتم عن طرق وأساليب ثلاث ، وقد أشار القرآن إلى هذه الطرق في سورة الشورى في قوله تعالى : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ) [2] . 1 - القسم الأول : الإلهام ويظهر من خلال آراء المفسرين حول هذه الآية ، أن المراد بالوحي هنا - بقرينة التقسيم والمقابلة بين الأقسام - هو الإلهام والتكلم الخفي ، سواء كان في اليقظة أو الرؤيا ، من دون أن يتوسط واسطة بينه وبين النبي المرسل ، أو أنه تعالى يخلق صوتا من وراء حجاب ، بحيث إن النبي يعرف أن هذا الصوت الهام ووحي من الله عز وجل ، فيأتمر بما أوحي إليه ، كما في قصة النبي إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) وذبحه إسماعيل ( عليه السلام ) ، حيث أنزل الله عز وجل عليه الوحي بصورة إلهام في رؤياه . 2 - القسم الثاني : التكلم من وراء حجاب : والمراد منه الإيحاء والمحادثة عن طريق خلق الصوت ، وإيجاده من دون أن يرى النبي الله عز وجل ، وهو كالقسم الأول ، لأن الوحي هنا يتم من دون أن يتوسط واسطة بينه تعالى وبين نبيه ، ولكن حسب ما اعتاد عليه ذهن البشر وفكره ، يتوهم أن مشاهدة طرفي المحادثة والمكالمة بعضهما البعض حين المحادثة هي من مستلزمات المحادثة والمكالمة ، بأن يرى كل من المخاطب والمتكلم الآخر ، وهذا التقييد في الآية من وراء
[1] تحدثت آيات عديدة عن كيفية الوحي المنزل على الأنبياء ( عليهم السلام ) فراجعها في سور : البقرة : 97 ، النحل : 2 و 102 ، الشعراء : 193 - 194 ، فاطر : 1 ، النجم : 1 - 10 ، والتكوير : 19 - 21 . [2] الشورى : 51 .