الذي لاحظته أيها القارئ الكريم هو غيض من فيض ، ولو أردنا أن نورد جميع أقوال علمائهم لاحتجنا إلى موسوعة كبيرة من الكتب . تبصرة للبصير : عرفنا مما نقلناه من الأحاديث التوحيدية في الصحاح الستة أن مضمون هذه الروايات يحكي لنا إمكان رؤية الله وإثبات المكان له ، وأنه تعالى ذو أعضاء وجوارح مختلفة تماما كالموجود الطبيعي والمادي ، وأن علماء السنة يعتقدون في صفات الله حسب ما تقتضيه رواياتهم ويوصون أتباعهم بالاعتقاد بهذه الصفات والأفكار . ولا بد من الإذعان بأن منشأ هذا الانحراف في العقيدة والضلالة عن الصراط المستقيم هو ما روته لهم هذه الأحاديث - التي يراها علماء السنة صحيحة ومعتمدة - حول مسألة التوحيد التي هي الدعامة الأولى في العقيدة الدينية . وقد اعترف بهذا الموضوع علماء السنة أنفسهم ، واستنادهم إلى هذه الأحاديث في بيان عقيدتهم مجمع عليه ، ونحن في غنى عن تكرار البحث وعن ذكر الدلائل والشواهد الأخرى لأننا قد فصلنا البحث مسبقا وفي هذا الفصل كذلك ، ولكن ندعو القارئ ثانية إلى مراجعتها مرة أخرى بدقة وتعمق أكثر ليقف على الارتباط الوثيق بين هذه الأحاديث وعقائد علماء أهل السنة . ومن خلال التأمل فيما مر من البحوث تتضح لنا المسألة التالية أكثر وأوفر : ما هو مدى التأثير السلبي الذي أوجدته هذه الأحاديث وهذه الكتب عبر القرون المتمادية على العقائد الإسلامية ؟ أجل أن هذه الأحاديث والتمسك بصحتها خلقت بين المسلمين قضايا خرافية ومضحكة وأنتجت الضلالات والانحرافات في عقائد طائفة كبيرة منهم . ومن هنا : حكي عن مقاتل بن سليمان ، وداود الجورابي ونعيم بن حماد أنهم قالوا : إنه تعالى في صورة الإنسان ، وإنه لحم ودم ، وله جوارح وأعضاء من يد ورجل